للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كواكبَ لا كتابَ لها، ونكاحُ المُحْرِمِ والمُحْرِمَة، والأمةِ المسلمةِ والكتابيَّة، ولو مع طَوْلِ الحرَّة

كواكبَ لا كتابَ لها)، اعلم أنَّ نكاحَ الصَّابئةِ يحلُّ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، لا عندهما، فقيل: هذا الخلافُ بناءٌ على تفسيرِ الصَّابئيِّ، فأبو حنيفةَ - رضي الله عنه - زعمَ أنَّ الصَّابئيَّ من أهلِ الكتاب، فإن كان كذلك يجوزُ نكاحُ الصَّابئة، وهما زعما من عبدةِ الكواكب ولا كتابَ لهم، فلو كان كذلك لا يحلُّ نكاحُها (١).

ثُمَّ عطفَ على نكاحِ الكتابيَّة قولَه: (ونكاحُ المُحْرِمِ والمُحْرِمَة، والأمةِ المسلمةِ والكتابيَّة)، وفيه خلافُ الشَّافِعِيِّ (٢)

- رضي الله عنه - بناءً على أن التَّخصيصَ بالوصفِ يوجبُ نفيَ الحكمَ عمَّا عداهُ عنده (٣)، لا عندنا (٤)، فقولُهُ تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمْ المُؤْمِنَات} (٥) ينفي جوازَ نكاحِ الكتابيَّةِ عنده.

(ولو مع طَوْلِ الحرَّة) (٦)، المرادُ بطَوْلِ الحرَّةِ القدرةُ على نكاحِها، بأن يكونَ له


(١) قال صاحب «الدر المنتقى» (١: ٣٢٨): ويصح نكاح الصابئة المؤمنة بنبِي المقرة بكتاب اتفاقاً، وما نقل من الخلاف مبني على أن الصابئة عند الإمام كتابية تعظِّم الكواكب كتعظيمنا القبلة، وعندهما تعبد الكواكب ولا كتاب لها، فالخلاف لفظي.
(٢) ينظر: في عدم جواز نكاح المحرم والمحرمة عند الشافعي - رضي الله عنه -: «الأم» (٢: ١٣١)، و «التنبيه» (ص ١٠٥)، و «نهاية المحتاج» (٦: ٢٤٢)، وغيرها.

وينظر: لعدم جواز نكاح الأمة الكتابية عند الشافعي - رضي الله عنه -: «شرح البهجة» (٤: ١٤٣)، و «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٣: ٢٥١)، و «فتوحات الوهاب» (٤: ١٩٢)، وغيرها.
(٣) أي عند الشافعي - رضي الله عنه -، قال في «الأم» (٥: ٨): قوله تعالى: {ومن لم يستطع منكم طولاً} إلى قوله {من فتياتكم المؤمنات ذلك لمن خشي العنت منكم}، وفي إباحة الله الإماء المؤمنات على ما شرط لمن لم يجد طولاً وخاف العنت دلالةٌ والله تعالى أعلم على تحريمِ نكاح إماء أهل الكتاب.
(٤) فعندنا التخصيصُ بالوصفِ لا يدلُّ على نفي الحكم عمَّا عداه، فقد يكون ذكر الوصف اتِّفاقياً جارياً على مجرى العادة، أو للاهتمام به لشرفه، أو لغير ذلك فتقييدهنَّ بالمؤمنات لا دلالةَ له على نفي جواز نكاح غير المؤمنة. ينظر: «التوضيح» (١: ٢٨٧)، و «كشف الأسرار شرح البزدوي» (٢: ٢٧٤)، و «العمدة» (٢: ١٥).
(٥) من سورة النساء، الآية (٢٥).
(٦) يجوز للحرِّ إذا لم يكن تحته حرة، ولكنه قادر على طول الحرَّة عندنا له أن يتزوَّج الأمة، والأولى أن لا يفعله. ينظر: «المبسوط» (٥: ١٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>