للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يجبرُ وليٌّ بالغةً ولو بكراً، وَصَمْتُها وضِحْكُها وبكاؤُها بلا صوتٍ إذْنٌ ومعه رَدٌّ حينَ استئذانِه، أو بعد بلوغِ الخبرِ بشرطِ تسميةِ الزَّوج لا المهرَ فيهما، هو الصَّحيح

اعلم أنَّ الحرَّةَ العاقلةَ البالغةَ إذا زوَّجَتْ نفسَها، فعند أبي حنيفة وأبي يوسف - رضي الله عنهم - ينعقد، وفي روايةٍ عن أبي يوسف - رضي الله عنه - لا ينعقدُ إلاَّ بوليّ، وعند محمَّد - رضي الله عنه - ينعقدُ موقوفاً على إجازة الولي، وعند مالكٍ (١) والشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه - لا ينعقدُ بعبارةِ النِّساء.

وأمَّا مسألةُ الكفؤ؛ ففي ظاهرِ الرِّوايةِ النِّكاحُ من غيرِ كفؤٍ ينعقدُ لكن للوليِّ الاعتراض إن شاءَ فَسَخَ، وإن شاءَ أجاز، وفي روايةِ الحَسَنِ - رضي الله عنه - عن أبي حنيفةَ لا ينعقد.

(ولا يجبرُ وليٌّ بالغةً ولو بكراً): اعلم أنَّ ولايةَ الإجبارِ ثابتةٌ على الصَّغيرةِ دون البالغة، وعند الشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - ثابتةٌ على البكرِ دون الثَّيب، فالبكرُ الصَّغيرةُ تجبرُ اتِّفاقاً لا الثَّيبُ البالغةُ اتِّفاقاً، والبكرُ البالغةُ لا تجبرُ عندنا، وتجبرُ عنده (٤)، والثَّيبُ الصَّغيرةُ تجبرُ عندنا لا عنده (٥)، ثُمَّ عندنا كلُّ وليٍّ فلَهُ ولايةُ الإجبار، وعند الشَّافِعِيِّ (٦) - رضي الله عنه - الوليُّ المجبرُ ليس إلاَّ الأبَّ والجَدّ.

(وَصَمْتُها وضِحْكُها وبكاؤُها بلا صوتٍ (٧) إذْنٌ ومعه (٨) رَدٌّ حينَ استئذانِه (٩)، أو بعد بلوغِ الخبرِ بشرطِ تسميةِ الزَّوج لا المهرَ فيهما (١٠)، هو الصَّحيح) (١١) الضَّميرُ في


(١) ينظر: «المدونة» (٢: ١١٧)، و «المنتقى شرح الموطأ» (٣: ٢٧٠)، و «التاج والأكليل» (٥: ٦٣ - ٦٤).
(٢) ينظر: «الأم» (٥: ١٤)، و «التنبيه» (ص ١٠٣)، و «تحفة المحتاج» (٧: ٢٣٨)، وغيرها.
(٣) ينظر: «الأم» (٨: ٦٢٨)، و «تحفة المحتاج» (٧: ٢٤٨)، و «فتوحات الوهاب» (٤: ١٤٩)، وغيرها.
(٤) أي عند الشافعي - رضي الله عنه -.
(٥) أي عند الشافعي - رضي الله عنه -: ينظر: «أسنى المطالب» (٣: ١٢٨)، و «تحفة المحتاج» (٧: ٢٦٨)، و «مغني المحتاج» (٤: ١٦٨)، وغيرها.
(٦) ينظر: «التنبيه» (ص ١٠٣)، و «الغرر البهية» (٤: ١٠٩)، و «تحفة الحبيب» (٣: ٤١٣)، وغيرها.
(٧) وإنِّما اشترطَ في البكاءِ أن يكونَ بلا صوت؛ لأنه يدلُّ على أنه لحزنٍ على مفارقةِ أهلِها ينظر: «رد المحتار» (٢: ٢٩٩).
(٨) أي البكاء مع الصوت، والمعوَّل عليه اعتبار قرائن الأحوال في البكاء والضحك فإن تعارضت أو أشكل احتيط. وتفصيله في «الفتح» (٣: ٢٦٥).
(٩) أي حين استئذان الولي البالغة.
(١٠) أي في الاستئذان ووصول الخبر؛ لأنه يشترط فيهما تسمية الزوج، ولا يشترط ذكر المهر.
(١١) احترازاً عمّا قيل من اشتراط تسمية المهر، وهو قول المتأخِّرين، وما صححه المصنف صححه صاحب «الهداية» (١: ١٩٧)، و «الملتقى» (ص ٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>