للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخيارُ الغُلامِ والثَّيبِ لا يبطلُ بلا رضاء صريح، أو دلالتِه، ولا بقيامِهما عن المجلس، وشُرِطَ القضاءُ لفسخِ مَن بَلَغَ لا مَن عتقت

فإن قيل: كلامُنا في البكرِ حالَ بلوغِها وهي قبلَ البلوغِ غيرُ مكلَّفة بالشَّرائع، قلنا: إذا راهق الصَّبيُّ والصَّبيَّة، فإمَّا أن يجبَ عليهما تعلمَ الإيمانَ وأحكامَه، أو يَجِبَ على وليهما التَّعليمُ، ولا ينبغي أن يُتْرَكا سُدَىً، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «مُرُوا صبيانكم بالصَّلاةِ إذا بلغوا سبعاً، واضربوهم إذا بلغوا عشراً» (١).

(وخيارُ الغُلامِ (٢) والثَّيبِ (٣) لا يبطلُ (٤) بلا رضاء صريح، أو دلالتِه)، الصَّريحُ أن يقول: رضيت، والدَّلالةُ أن يفعلَ ما يدلُّ على الرِّضا، كالقبلة، واللَّمْس، واعطاءِ الغلام المهر، وقَبُول الثَّيب المهر.

(ولا بقيامِهما عن المجلس، (وشُرِطَ القضاءُ لفسخِ مَن بَلَغَ لا مَن عتقت) (٥)) (٦) فإن الأَوَّلَ إلزامُ الضَّررِ على الزَّوج بخلافِ فسخِ المُعْتَقة، فإنَّه منعُ زيادةِ الملكِ للزَّوجِ عليها، فإن اعتبارَ الطَّلاقِ عندنا بالنِّساء، فإذا أعتقت صارَ الملكُ عليها بثلاثِ تطليقاتٍ بعدما كان بتطليقتين، ويكون الفسخُ امتناعاً عن هذا، فلا يحتاجُ إلى قضاءِ القاضي.


(١) في «المستدرك» (١: ٣٨)، و «سنن أبي داود» (١: ٢٣٠)، و «مصنف ابن أبي شيبة» (١: ٣٤٠)، و «مسند أحمد» (٢: ١٨٠)، و «المعجم الأوسط» (٤: ٢٥٦)، و «سنن البيهقي الكبير» (١: ٢٣٠)، و «مجمع الزوائد» (١: ٢٩٤)، وغيرها، قال الترمذي: حسن، وقال الحاكم والبيهقي: صحيح على شرط مسلم. ينظر: «خلاصة البدر المنير» (١: ٩٢).
(٢) أي بلوغ الغلام الصغير. كما في «الدر المنتقى» (١: ٣٣٦).
(٣) أي سواء كانت ثيباً في الأصل، أو كانت بكراً، ثم دخل بها ثم بلغت. ينظر: «رد المحتار» (٢: ٣١٠).
(٤) أي الخيار بقبول النكاح، اعتباراً بحالة ابتداء النكاح لهما. ينظر: «البناية» (٤: ١٤١).
(٥) يعني إذا اختار الصغيرة أو الصغير الفرقة بعد البلوغ لا تثبت الفرقة ما لم يفسخ القاضي النكاح بينهما بخلاف خيار العتق حيث لا يحتاج فيه إلى القضاء. ينظر: «درر الحكام» (١: ٣٣٧).
(٦) لأن الفسخ لدفع ضرر خفي، وهو تمكن الخلل بسبب قصور شفقة المُزوج، ولتمكن الخلل، يشمل الفسخ الذكر والأنثى؛ لأن قصور الشفقة كما هو في حق الجارية ممكن كذلك في حق الغلام، وإذا كان الضرر خفياً لا يطَّلع عليه؛ لأن فرض المسألة فيما إذا كان الزوج كفؤاً والمهر تاماً فربَّما ينكرُهُ الزَّوج، فيحتاج إلى القضاء للإلزام، وأما خيار العتق فلدفع ضرر جليٍّ وهو زيادة الملك عليها. ينظر: «الهداية» (١: ١٩٩)، و «العناية» (٣: ١٧٩ - ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>