للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ إنْ زوَّجَها الأبُ والجدُّ لَزِم، وفي غيرِهما فسخَ الصَّغيران حين بلغا، أو علما بالنِّكاحِ بعدَه، وسكوتُ بكر بلغت عالمةً بالنكاح رضاً به، ولا يمتدُّ خيارها إلى آخرِ المجلس، وإن جهلت به، بخلافِ المُعْتَقة جهلت بخيارها

الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - كما مرّ.

(ثُمَّ إنْ زوَّجَها الأبُ والجدُّ لَزِم (٢)، وفي غيرِهما (٣) فسخَ الصَّغيران حين بلغا، أو علما بالنِّكاحِ بعدَه): أي إن كانا عالمين بالنِّكاح، فلهما الفسخُ عند البُلُوغ، فإن لم يكونا عالمين، فلهما الفسخُ حين علما بعدَ البُلُوغ، وفيه خلافُ الشّافِعِيّ (٤) - رضي الله عنه - فإن تزويجَ غيرِ الأبِ والجدِّ قبل البلوغ لا يصحُّ عنده لما ذَكَرْنا أن الوليَّ المجبرَ عنده ليس إلاَّ الأبَ والجدّ.

(وسكوتُ بكر بلغت عالمةً بالنكاح رضاً به): أي عند البُلُوغ، أو العلمِ بالنِّكاح بعد البلوغ، (ولا يمتدُّ خيارها إلى آخرِ المجلس (٥)، وإن جهلت به): أي بالخيار، فإنّ البكرَ إذا سكتت بعد البلوغ أو العلمِ بناءً على أنها لم تعلم أنَّ لها الخيار يبطلُ خيارها، فإن سكوتَها رضا ولا تُعْذَرُ بالجهل، (والجهل ليس بعذر في حقِّها) (٦).

(بخلافِ المُعْتَقة (جهلت بخيارها) (٧)): أي إذا أُعتقت الأمة، ولها زوجٌ يثبتُ لها الخيار، فإن لم تعلمْ أنّ لها الخيار، فجهلُها عذر؛ لأنَّها لا تتفرَّغُ للتَّعلم بخلافِ الحرائر، «فإن طلبَ العلم فريضةٌ على كلِّ مسلمٍ ومسلمة» (٨)، وبالتَّقصيرِ لا تعذر.


(١) ينظر: «أسنى المطالب» (٣: ١٢٨)، و «تحفة المحتاج» (٧: ٢٦٨)، و «مغني المحتاج» (٤: ١٦٨).
(٢) أي الزواج سواء كان بغبن فاحش أو بغير كفؤ.
(٣) أي غير الأب والجد، ولو الأم أو القاضي أو وكيل الأب. ينظر: «الدر المختار» (٢: ٣٠٥).
(٤) ينظر: «الأم» (٥: ٢١)، و «التنبيه» (ص ١٠٣)، و «الغرر البهية» (٤: ١٠٩)، وغيرها.
(٥) أي مجلس البلوغ أو العلم، فاللام للعهد، فخيارها على الفور. وتمامه في «مجمع الأنهر» (١: ٣٣٦).
(٦) زيادة أ و ب و س.
(٧) زيادة من ق.
(٨) هذا لفظ حديث مرفوع عن أنس وابن مسعود وابن عباس وأبي سعيد وابن عمر وعلي - رضي الله عنهم - في «سنن ابن ماجه» (١: ٨١)، و «المعجم الأوسط» (٤: ٢٤٥)، و «الصغير» (١: ٣٦)، و «الكبير» (١٠: ١٩٥)، «معجم الإسماعيلي» (٢: ٦٥٢)، و «مسند أبي يعلى» (٥: ٢٢٣)، و «مسند الشهاب» (١: ١٣٦)، وغيرها. قال أحمد: لا يثبت عندنا في هذا الباب شيء، قال البزار: كل ما يروى فيها عن أنس غير صحيح، وقال البيهقي: متنه مشهور وإسناده ضعيف، وروي من أوجه كلها ضعيفة، قال العراقي: قد صحح بعض الأئمة بعض طرقه، وقال المِزي: إن طرقه تبلغ رتبة الحسن. قال السخاوي: وقد ألحق بعض المحققين: ومسلمة؛ وليس لها ذكر في شيء من طرقه وإن كانت صحيحة المعنى. والعلم المقصود في الحديث هو العلم الضروري أو العام الذي لا يسع البالغَ المكلفَ جهلُهُ أو علم ما يطرأ له خاصة. ينظر: «تخريج أحاديث الأحياء» (١: ٥٥ - ٥٧)، «كشف الخفاء» (٢: ٥٦ - ٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>