للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفسدَ نكاحُ حرَّة، قالت لسيِّدِ زوجِها: أعتقُهُ عنَّي بألفٍ ففعل

(وفسدَ نكاحُ حرَّة، قالت لسيِّدِ زوجِها: أعتقُهُ عنَّي بألفٍ ففعل): أي حُرَّةٍ تحت عبدٍ قالت لسيِّدِ زوجِها أعتقُهُ بألف، ففعلَ صحَّ الأمر، ويعتقُ الزَّوجُ على امرأتِه، ويفسدُ النِّكاحُ خلافاً لزفر - رضي الله عنه -، فإنَّه لا يعتقُ على المرأةِ عنده؛ لعدمِ الملك.

ونحنُ نقولُ: بالاقتضاءِ (١) يثبتُ الملك، فصارَ كما لو قالت: بعْهُ منِّى بكذا، ثُمَّ أعتقْهُ عنِّي، وقولِ المولى: أعتقت. صارَ كما لو قال بعتُه منك، ثُمَّ أعتقُهُ عنك، فلمَّا ثبتَ الملكُ اقتضاءً، فسدَ النكاح.

ويَرِدُ عليه أن غايةَ ما في البابِ أنه صارَ كقولِه: بعْ عبدَكَ منِّى بألف، فقال الآخر: بعْت. لا ينعقدُ البيع؛ لأنَّ الواحدَ لا يتولَّى طرفي البيعِ بخلافِ النِّكاح.

وأيضاً الملكُ الذي يثبتُ بطريقِ الاقتضاءِ ملكٌ ضروريّ، فيثبتُ بقدرِ الضَّرورة، ولا ضرورةَ في ثبوتِهِ في حقِّ النِّكاح حتَّى يفسدَ النِّكاح.

والجوابُ عن الأَوَّلِ: إن البيعَ الثَّابت بالاقتضاءِ مستغنٍ عن القَبُول، فإنَّه قد عُرِفَ في أصولِ الفقهِ (٢) أن المقتضى ليس كالملفوظ (٣)، بل هو أمرٌ ضروريٌّ فيسقطُ من الأركانِ والشُّروط ممَّا يحتمل السُّقوط.

وعن الثَّاني: إن الثَّابتَ بالاقتضاء، وإن كان ضرورياً يثبتُ به لوازمُهُ التي لا يحتملُ السُّقوط، كما سيأتي في مسألة الهبة: إن الهبةَ الاقتضائيَّةَ لا بُدَّ لها من القبض، فبطلانُ ملكِ النِّكاحِ من لوازمِ ثبوتِ ملكِ اليمينِ بحيث لا ينفكُّ عنه.


(١) اقتضاء: هو دلالة اللفظ على مسكوت يتوقف عليه صدق الكلام أو صحته، فالأول: كحديث: (رفع الخطأ والنسيان)، أي رفع حكمهما وهو الإثم وإلا فهما واقعان في الخارج، والثاني كمسألتنا فإنه لا يمكن تصحيحه إلا بتقديم الملك، إذ الملك شرط لصحة العتق عنه فتقدّم الملك بالبيع مقتضَى، والإعتاق عن الآمر مقتضٍ بالكسر، فإذا ثبت الملك للآمر فسد النكاح للتنافي بين الأمرين، ثم الملك فيه شرط والشروط أتباع فلذا ثبت البيع المقتضَى بشروط المقتضِي وهو العتق لا بشروط نفسه إظهاراً للتبعية، وتمامه في «البحر» (٣: ٢٢١)، و «رد المحتار» (٢: ٣٨٥).
(٢) ينظر: «التوضيح» (١: ٢٦٢)، و «كشف الأسرار شرح أصول البزدوي» (٢: ٢٣٦)، و «التقرير والتحبير» (١: ٥٧)، وغيرها.
(٣) في م: كملفوظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>