للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن ماتَ عنها صبيٌّ وَضْعُ حَمْلِها، ولمِنَ حَبَلَتْ بعد موتِ الصَّبيِّ عدَّةُ الموت، ولا نسبَ في وجهيه

(وإن ماتَ عنها صبيٌّ (١) وَضْعُ حَمْلِها): أي وإن كان زوجُها الميِّتِ صبيِّاً فعدَّتُها بوضعِ الحمل (٢).

وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - والشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - عدَّتُها عدَّةُ الوفاة؛ لأنَّ العدَّةَ بوضعِ الحملِ إنِّما تجبُ لصيانةِ الماء، وذلك في ثابتٍ النَّسب، وهنا لا يثبتُ النَّسبُ عن الصَّبيّ.

ولأبي حنيفة - رضي الله عنه - ومحمَّد - رضي الله عنه - أنَّ قولَهُ تعالى: {وَأُوْلَاتُ الأَحْمَالِ أَجَلَهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} (٤) نَزَلَ بعد قولِهِ تعالى: {وَالَّذِينَ يُتَوَفُّونَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجَاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرَاً} (٥) فيكونُ ناسخاً له في مقدارِ ما يتناولُهُ الآيتان، وهو حاملٌ توفِّي عنها زوجُها.

فإن قيل: المرادُ أولاتُ الأحمالِ اللآتي ثَبَتَ نسبُ حملِهنّ.

قلنا: لا نسلِّم، بل أولاتُ الأحمالِ اللآتي وجبَتْ عليهنَّ العدَّة، فعدَّتُهنَّ أن يضعنَ حملهنّ.

(ولمِنَ حَبَلَتْ بعد موتِ الصَّبيِّ (٦) عدَّةُ الموت)؛ لأنَّها لم تكنْ حاملاً وقتَ موتِ الصَّبيِّ تُعيَّنَ عدَّةُ الموت، (ولا نسبَ في وجهيه): أي فيما حبلَتْ قبلَ موتِ الصَّبيّ، أو بعده.


(١) المراد بالصبي غير المراهق؛ لأنه لو كان مراهقاً وجب أن يثبت النسب منه. ينظر: «الشرنبلالية» (١: ٤٠٢).
(٢) إن ولدت لأقل من ستة أشهر عند الطرفين، ويجوز لها ان تتزوج قبل أن تطهر من نفاسها إلا أنه لا يقربها قبله كما في الحيض. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ٤٤٦).
(٣) ينظر: «مغني المحتاج» (٣: ٣٣٨)، «المحلي على المنهاج» (٤: ٤٥)، و «تحفة الحبيب» (٤: ٤٦)، و «الأنوار القدسية في الأحوال الشخصية» (ص ١٢٨ - ١٢٩)، وغيرها.
(٤) من سورة الطلاق، الآية (٤).
(٥) من سورة البقرة، الآية (٢٣٤).
(٦) بأن ولدت بعد موته بستة أشهر، فعدتها بالأشهر إجماعاً؛ لعدم تحقق وجود الحمل حين الموت، فلم تكن من أولات الأحمال. ينظر: «الدر المنتقى» (١: ٤٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>