للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا معسراً في الأصحّ، ولا يفرِّقُ بينهما لعجزِهِ عنها، وتؤمرُ بالاستدانةِ عليه، ومَن فُرِضَتْ لعسارِه فأيسر، تمَّمَ نفقةَ يسارِهِ إن طلبَت.

عند أبي يوسفَ (١) - رضي الله عنه - فعليه نفقةُ خادمين أحدُهما لمصالح الدَّاخل، والآخرُ لمصالح خارجِ البيت، وهما يقولان: أن (٢) الواحدَ يقومُ بهما، (لا معسراً في الأصحّ) (٣)، احترازٌ عن قولِ محمَّدٍ - رضي الله عنه -، فإنَّ عنده تَجِبُ على المعسرِ نفقةُ الخادم.

(ولا يفرِّقُ بينهما لعجزِهِ عنها، وتؤمرُ بالاستدانةِ عليه): أي تؤمرُ بأن تستقرضَ عليه، وتصرفَ إلى نفقتِها حتى إنْ غَنِيَ الزَّوجُ يؤدِّي فرضَها، وهذا عندنا.

وأمَّا عند الشَّافِعِيِّ (٤) - رضي الله عنه -، فالقاضى يفرِّقُ بينهما؛ لأنَّه لمَّا عَجَزَ عن الإمساكِ بالمعروفِ ينوبُ القاضي منابَهُ في التَّسريحِ بالإحسان.

وأصحابُنا - رضي الله عنه - لمَّا شاهدوا الضَّرورة في التَّفريق؛ لأنَّ دفعَ الحاجةِ الدَّائمةِ لا يتيسَّرُ بالاستدانة، والظَّاهرُ أنَّها لا تجدُ مَن يقرضُها، وغِنَى الزَّوجِ في المالِ أمرٌ متوَّهمٌ استحسنوا أن ينصبَ القاضي نائباً شافِعِيَّ المذهبِ يفرِّقُ بينَهما (٥).

(ومَن فُرِضَتْ (٦) لعسارِه فأيسر، تمَّمَ نفقةَ يسارِهِ إن طلبَت.


(١) قال العيني في «البناية» (٤: ٨٦٩): هذا الذي ذكروه عن أبي يوسف غير المشهور عنه؛ لأن المشهور من قوله كقولهما، وبه صرَّحَ الطحاوي في «مختصره» (ص ٢٢٣).
(٢) زيادة من ب و م.
(٣) وهو رواية الحسن عن الإمام - رضي الله عنه -، وهو الأصح كما في «مجمع الأنهر» (١: ٤٨٨)، و «الدر المنتقى» (١: ٤٨٨)، و «الدر المختار» (٢: ٦٥٥).
(٤) قال صاحب «المنهاج» (٣: ٤٤٢): أعسر بها فإن صبرت صارت ديناً عليه، وإلا فلها الفسخ على الأظهر، والأصح أن لا فسخ بمنع موسر حضر أو غاب، ولو حضر وغاب ماله، فإن كان بمسافة القصر فلها الفسخ وإلا فلا، ويؤمر بالإحضار. وينظر: «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٤: ٨٢)، و «فتوحات الوهاب» (٤: ٢٢٤)، وغيرها.
(٥) إذا ثبتَ العجزُ بشهادة الشهود، فإن كان القاضي شافعياً وفرَّقَ بينهما نفذَ قضاؤه، وإن كان حنفياً لا ينبغي له أن يقضي بخلاف مذهبه إلا أن يكون مجتهداً ووقع اجتهاده على ذلك، فإن قضى مخالفاً لرأيه من غير اجتهاد فعن أبي حنيفة في جواز قضائه روايتان، ولكن يأمر شافعيّ المذهب ليقضي بينهما في هذه الحادثة إذا لم يرتش الآمر والمأمور. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ١٧٤).
(٦) أي إذا قضي لها بنفقة الإعسار فأيسر … ؛ لأنها تختلف باختلاف الأحوال، وكذلك لو قضي بنفقة اليسار ثم أعسر، فرض لها نفقة المعسر. ينظر: «الاختيار» (٣: ٢٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>