للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولفظُ الطَّلاق وكنايتُهُ مع نيَّة العتق، وأنت مثل الحرِّ بخلافِ ما أنت إلاَّ حرّ. ومَن مَلَكَ ذا رحمٍ محرمٍ منه، أو أعتقَ لوجهِ اللهِ تعالى، أو للشَّيطان، أو للصَّنم، أو مكرهاً، أو سكران، أو أضاف عتقَهُ إلى ملك، أو شرطٍ وَوُجِدَ عُتِق، كعبدٍ لحربيٍّ خرجَ إلينا مسلماً

(ولفظُ الطَّلاق وكنايتُهُ مع نيَّة العتق): فإنَّه إذا قال: لأمتِه أنتِ طالق، ونوى به العتق، لا تعتقُ عندنا، وعند الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - تعتق؛ لأنَّ الاعتاق، هو إزالةُ ملكِ الرَّقبة، والطَّلاق إزالةُ ملكِ المتعة، فيجوزُ إطلاق كلِّ واحدٍ منهما على الآخر مجازاً.

قلنا: المجازُ لفظٌ يُذْكَرُ ويرادُ به لازمُه، وإزالةُ ملكِ المتعة لازمٌ لإزالةِ ملكِ الرَّقبة، فإنَّه إذا أعتقَ أمتَه يزولُ ملك المتعة، ولا لزومَ على العكس، فيجري المجازُ من أحدِ الطَّرفين، وهو أن يذكرَ الحريةَ ويرادَ بهما الطَّلاقُ لا على العكس.

(وأنت مثل الحرِّ (٢) بخلافِ ما أنت إلاَّ حرّ.

ومَن مَلَكَ ذا رحمٍ محرمٍ (٣) منه، أو أعتقَ لوجهِ اللهِ تعالى، أو للشَّيطان، أو للصَّنم (٤)، أو مكرهاً، أو سكران، أو أضاف عتقَهُ إلى ملك، أو شرطٍ وَوُجِدَ عُتِق).

قوله: ذا رحم؛ أي ذا قرابةٍ بسببِ الرَّحم.

وقولُهُ: محرم؛ صفةُ ذا، وجرُّهُ للجوار.

وقولُهُ: إلى ملكٍ؛ نحو: إن ملكتُ عبداً فهو حرّ.

أو شُرِط؛ ووُجِدَ نحو: إن قَدِمَ فلان، فعبدي حرّ، فوُجِدَ الشَّرطُ عُتِق، لكن يشترطُ أن يكون العبدُ في ملكِهِ وقت التَّعليق، كما عرفْتَ في الطَّلاق.

وقولُهُ: عتق: أي عِتُقٌ عليه؛ ليكونَ ضميرُ عليه راجعاً الى المبتدأ، وهو: مَن.

(كعبدٍ (٥) لحربيٍّ خرجَ إلينا مسلماً.


(١) ينظر: «المنهاج» (٤: ٤٩٣) وشرحيه «مغني المحتاج» (٤: ٤٩٣)، و «المحلي» (٤: ٣٥٢)، وغيرهما.
(٢) ما لم ينو؛ لأن المثل يستعمل للمشاركة في بعض الأوصاف عرفاً، وقد وقع الشك في الحرية فلا تثبت. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٣).
(٣) ذو رحم محرم: كل شخصين يدليان إلى أصل واحد بلا واسطة كالأخوين، أو أحدهما بواسطة والآخر بغير واسطة كالعمّ وابن الأخ إلى الجد، ولا يعتق بالملك ذو رحم غير محرم كبني الأعمام والأخوال، وبني العمات والخالات، ولا محرم غير ذي رحم كالمحرمات بالصهرية والرضاع. ينظر: «الاختيار» (٣: ٢٥٦).
(٤) لأن العتق صدر من أهله في محلّه، فيعتبر وتلغو تسمية جهته. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٢١٨).
(٥) أي كما يعتق عبد … ينظر: «شرح ابن ملك» (ق ١٢٣/ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>