للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو طلَّقَ كذلك قبل وطءٍ سَقَطَ ربعُ مهرِ مَن خرَجَت، وثلاثةُ أثمانِ مَن ثبتت، وثُمْنُ مَن دخلَتْ

(ولو طلَّقَ كذلك قبل وطءٍ (١) سَقَطَ ربعُ مهرِ مَن خرَجَت، وثلاثةُ أثمانِ مَن ثبتت، وثُمْنُ مَن دخلَتْ): أي إن كانت له ثَلاثُ زوجاتٍ مهرهنَّ على السَّواء، فطلَّقَهُنَّ قبل الوطءِ على الصِّفةِ المذكورة، فبالإيجاب الأوَّل سقطَ نصف مهرِ الواحدة، متنصِّفاً (٢) بين الخارجةِ والثَّابتةِ فسقطَ ربعُ مهرِ كلِّ واحدة، ثُمَّ بالإيجابِ الثَّاني سَقَطَ الرُّبع متنصِّفاً بين الثَّابتةِ والدَّاخلة، فأصابَ كلَّ واحدةٍ الثَّمن فسقطَ ثلاثةُ أثمانِ مهرِ الثَّابتةِ بالإيجابين، وسقطَ ثمنُ مهرِ الدَّاخلِ.

وإنِّما فُرِضَتْ المسألةُ في الطَّلاقِ قبل الوطء؛ ليكونَ الإيجابُ الأوَّلُ موجباً للبينونة، فما أصابَهُ الإيجابُ الأَوَّلُ لا يبقى محلاً للإيجابِ الثَّاني، فيصيرُ في هذا المعنى كالعتق.

قال بعض المشايخ - رضي الله عنهم -: هذا قولُ محمَّد - رضي الله عنه - خاصة.

وقيل: هو قولُهما أيضاً.

فعلى هذه الرِّوايةِ لا بُدَّ لهما من الفرقِ بين العتقِ والطَّلاق، وهو أن الإيجابَ الأوَّلِ في العتقِ والطَّلاق أوجَبَ التَّنصيفَ بين الخارجِ والثَّابت، فلمَّا ماتَ قبل البيان تبيَّنَ أنّ في صورةِ العتقِ كما تكلَّم، صارَ متنصِّفاً بينهما؛ لأنَّ الأصلَ في الإنشاءات أن يثبتَ حكمُها مقارناً للتّكلُّم بهما إلاَّ أن يمنعَ مانع (٣)، ففي العتقِ إرادةُ الخارجِ تعارضُها إرادةُ الثابت (٤)، فالإيجابُ الأوَّلُ يوزَّعُ بينهما، حتى صار كلُّ واحدٍ معتقَ البعض، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، أو يصيرُ متردِّداً بين الحريَّةِ والرِّقيَّة كالمكاتب، وهذا عند أبي يوسف.


(١) أي مات بلا بيان، ففي المسألة أحكام ثلاثة: المهر والميراث والعدّة: أما حكم الميراث فللداخلة نصف والنصف بين الخارجة والثابتة نصف وعلى كل منهن عدّة الوفاة احتياطاً. ينظر: «مجمع الأنهر» (١: ٥٢٣)
(٢) في ص و ف و م: منصفا.
(٣) كالإبهام والإجمال، فهنا لمَّا كان إيجابه على طريقةِ الإبهام صارَ متوقِّفاً على بيانه ولم يحكم بأمرٍ على فورِ تكلُّمه وبعد موته من غير بيان وعدم تعيين مراده يحكم بأنه كان موجباً للتصنيف من الابتداء. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ٢١٠).
(٤) لأنها متساويان فلا مرجِّح لإرادة أحدهما على الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>