للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوطءُ والموتُ بيانٌ في طلاقٍ مبهمٍ: كبيع، وموت، وتدبير، واستيلاد، وهبة وصدقةٍ مسلَّمتين في عتقٍ مبهمٍ دون وطءٍ فيه

فالإيجابُ الثَّاني لا يمكنُ أن يرادَ به الإخبارُ للكذب (١)، فيكونُ إنشاءً، فلا بُدَّ من المحلّ، فالدّاخلُ كلُّهُ محلّ، فيعتقُ منه (٢) نصفُه، والثَّابتُ لو كان كلُّه محلاً يعتقُ بهذا الإيجاب نصفُه، فإذا كان نصفُهُ محلاً يعتقُ منه ربعُه.

وأمَّا في الطَّلاق فلا يمكنُ أن يكونَ كلُّ واحدٍ منهما مطلَّقةَ البعض؛ لأنَّ مطلَّقةَ البعضِ مطلَّقةٌ كلُّها، فلم يتنصَّف الإيجاب الأوَّل، فالمطلَّقةُ إمَّا الخارجة وإمَّا الثَّابتة (٣)، فإن كانت الثَّابتة طَلُقَت بالأوَّل، فلا حُكْمَ للإيجابِ الثَّاني؛ لأنَّه يمكنُ أن يرادَ به الإخبار، وإن كانت الخارجة، فالإيجابُ الثَّاني يكون دائراً بين الثَّابتةِ والدَّاخلةِ على السَّويَّة، فيثبتُ ربعُه؛ لأنَّ الإيجاب الثَّاني باطلٌ على أحدِ التَّقديرين، وهو إرادةُ الثَّابتة بالإيجاب الأوَّل، وهو صحيحٌ على التَّقديرِ الآخر، وهو نصفُ التَّقديرين (٤)، فينتصف، ونصفُ النِّصفِ ربع، فيسقطُ به ثُمُنُ المهر.

(والوطءُ والموتُ بيانٌ في طلاقٍ مبهمٍ: كبيع، وموت، وتدبير، واستيلاد، وهبة وصدقةٍ مسلَّمتين في عتقٍ مبهمٍ دون وطءٍ فيه): أي قال لزوجتيه: أحداكما طالق فوطِئ إحداهما أو ماتتَ إحداهما (٥)، فكلٌّ منهما بيان أنَّ المراد هي الأخرى.

أمَّا الوطءُ فلأنَّ النِّكاح عقدٌ وُضِعَ لحلِّ الوطء، والطَّلاقُ وُضِعَ لإزالةِ ملكِ النِّكاح: أي لإزالةِ حلِّ الوطء، إمَّا في الحال، أو بعد إنقضاء العدَّة، فالوطءُ دليلُ أن الموطوءةَ لم تكنْ مرادةً بالطَّلاق.


(١) أي للإخبار عن حرية الثابت للكذب؛ لأن الثابتَ ليس بحرٍ يقيناً، بل هو إما معتق البعض، وإما متردِّد كالمكاتب. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ٢١٠).
(٢) زيادة من ص و م.
(٣) ولكنه لمّا كان واقعاً على أحدهما من كل وجه فإن يقسم نصف المهر عليهما فيقع على كل واحدة الربع.
(٤) أي يكون واقعاً من وجه دون وجه، فيقع عليها ربع المهر فقط، ويقسم بينهما فيقع على كل واحدة الثمن.
(٥) أي إذا قال الرجل لامرأتيه: إذا جاء غد فإحداكما طالق، فوطئ إحداهما، أو ماتت ثم جاء الغد، فإن غير الموطوءة وغير الميِّتة تتعين للطلاق. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>