للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبأوَّلِ ولدٍ تلدينَه ابناً، فأنت حرَّة، إن ولدَتْ ابناً وبنتاً، ولم يُدْرَ الأوَّلُ عُتِقَ نصفُ الأمِّ والبنت، والابنُ عبد، ولو شهدا بعتقِ أحدِ عبديهِ بطلَتْ إلاَّ في الوصيَّة

وأمَّا الموتُ فلِمَا عُرِفَ أن البيانَ إنشاءٌ من وجه، فلا بُدَّ له من محلّ، (والميِّتُ لا يصلحُ محلاً للإنشاء) (١).

وإن قال: أحدُكما حرّ، فباعَ أحدَهما، أو ماتَ أحدُهما، أو دبَّرَ أحدَهما، أو استولدَ إحداهما، أو وهبَ أحدهما أو تصدَّقَ به وسلَّم، فكلُّ ذلك بيانُ أن المرادَ هو الآخر.

أمَّا إن وَطِئ إحداهما لا يكون بياناً؛ لأنَّ الاعتاقَ إزالةُ الملك، فالبيعُ ونحوُهُ يدلُّ على أن الملكَ باقٍ في المبيع، فلا يكونُ مراداً بالاعتاق.

وأمَّا الوطءُ فلأنَّ الإعتاقَ لم يوضعْ لإزالةِ حلِّ الوطء، بل حلُّ الوطءِ إنِّما يزولُ بتبعيَّةِ زوالِ الرِّقّ، أو زوالِ ملكِ الرَّقبة، ولم يَزَلْ شيءٌ منهما، وهذا قول أبي حنيفةَ (٢) - رضي الله عنه -، وأمَّا عندهما فالوطءُ في العتقِ المبهمِ بيانٌ أيضاً، لأنَّ الوطءَ لا يحلُّ إلاَّ في الملك، فيدلُّ على أنَّ الموطوءةَ ملكَه، فلم تَكُنْ مرادةً بالإعتاق.

(وبأوَّلِ ولدٍ تلدينَه ابناً، فأنت حرَّة، إن ولدَتْ ابناً وبنتاً، ولم يُدْرَ الأوَّلُ عُتِقَ نصفُ الأمِّ والبنت، والابنُ عبد)؛ لأنَّ الأوَّلَ إن كان هو الابنَ، فالأُمُّ والبنتُ حرَّتان، وإن كانت البنتُ لم يعتقْ أحد، فيعتقُ نصفُ الأمِّ والبنت، وأمَّا الابنُ فهو عبدٌ في كلتا الحالتين.

(ولو شهدا (٣) بعتقِ أحدِ عبديهِ بطلَتْ إلاَّ في الوصيَّة): أي شهدا أنَّه أعتقَ أحدَ عبديه، فالشَّهادةُ باطلةٌ عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -؛ لعدمِ المدَّعي (٤) إلاَّ أن يكونَ هذا في الوصيَّة، بأن شهدا أنَّه أعتقَ أحدَهما في مرضِ موتِه، أو شهدا على تدبيرِهِ في الصِّحَّة أو


(١) زيادة من م.
(٢) لأن الملك قائم في الموطوءة؛ لأن الإيقاع في المنكرة، وهي معيّنة، فكان وطؤها حلالاً، فلا يجعلُ بياناً؛ ولهذا حلّ وطؤهما على مذهبه إلا أنه لا يفتي به. كما في «الهداية» (٢: ٦٢)، ورجَّح صاحب «الفتح» (٤: ٥٠٢) و «البحر» (٤: ٢٧٠) قولهما، وقالوا: لا يفتى بقول الإمام لترك الاحتياط. وفي «الدر المختار» (٣: ٢٣): وعليه الفتوى.
(٣) أي رجلان على رجلٍ بعتق أحد عبديه غير المعين …
(٤) لأن مَن له الحق مجهول، والدعوى من المجهول لا تتحقَّق. ينظر: «عمدة الرعاية» (٢: ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>