للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

....................................................................................................................

يكونُ بطوعِها وكرها، وإن لم يكن واحد، فلا نصابَ للشَّهادة على كلِّ منهما، ولا يحدُّ الشُّهُود؛ لوجودِ العدد.

وإن شَهِدَ أربعةٌ بزناه، واختلفوا في بلدِ زناه، فلا حدَّ عليهما لما مرّ، ولا على الشُّهُودِ خلافاً لزُفر - رضي الله عنه -؛ لوجودِ العدد.

وإن شَهِدَ أربعةٌ بزناهُ في وقتٍ معيَّن (١)، وأربعةٌ أُخرى بزناه في ذلك الوقتِ في بلدٍ آخر، فلا حدَّ عليهما؛ لأنَّ شهادةَ أحدِ الفريقينِ مردودةٌ؛ لتيقُّنِ كذبِه، ولا رجحان لأحدهما فيردُّ الجميع، ولا على الشُّهُود؛ لاحتمالِ صدقِ أحدِ الفريقين.

يردُّ عليه: أنّه يحتملُ أن يكونَ كلُّ واحدٍ منهما كاذباً، والظَّاهرُ هذا لما مرَّ من تيقُّنِ كذبِ أحدِهما وعدمِ رجحان أحدِهما، فيكون صدقُ أحدهما محتملاً احتمالاً بعيداً، ثُمَّ على تقديرِ صدقِ أحدِهما يحتملُ أن يكونَ الصَّادقُ هذا الفريقَ المعيَّن أو ذلك الفريق، ففي صدقِ كلِّ واحدٍ احتمال الاحتمال، وهو شبهةُ الشُّبهة، فلا اعتبارَ لها.

فأقول: وإنِّما لا يحدُّ الشُّهود؛ لوجودِ أربعةِ شهداء، فشهادةُ كلِّ فريقٍ إن لم توجبْ حدّاً على المشهودِ عليه، فلا أقلَّ من أن توجبَ تهمةً يندرئُ بها الحدُّ عن الفريقِ الآخر.

وإن نظرَتِ امراةٌ واحدةٌ، فقالت: هي بكرٌ تثبتُ بشهادتِها البكارة، فيندرئ حدُّ الزِّنا، ولا يثبتُ حدُّ القذفِ (٢) بشرطيَّةِ الرِّجال (٣).

وإذا كانوا فسقةً يندرئُ الحدّ، ولا يحدُّ الشُّهود؛ لأنَّ الفسقةَ أهلُ الشَّهادة (٤)، فوجدتْ شهادةُ الأربعة.


(١) اختلف عن المسألة التي سبقتها أنه بعد أن اكتمل نصاب الشهادة في كل واحد من الفريقين يشترط أن يذكروا وقتاً واحداً؛ للتيقن بكذب أحد الفريقين. ينظر: «رمز الحقائق» (١: ٢٥٤).
(٢) أي على الشهود.
(٣) أي تشترط في ثبوت القذف الموجب للحد شهادة الرجال، وههنا البكارة تثبت بقول النساء. ينظر: «العمدة» (٢: ٢٩٤).
(٤) أي أهل الأداء والتحمل، وإن كان في أدائه نوع قصور لتهمة الفسق؛ ولهذا لو قضى القاضي بشهادة فاسق ينفذ عندنا، ويثبت بشهادتهم شبهة الزنا، وباعتبار قصور في الأداء لتهمة الفسق يثبت شبهة عدم الزنا فلهذا امتنع الحدّان. ينظر: «الهداية» (٢: ١٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>