للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قال: يا زاني، فردَّهُ بلا بل أنت حُدَّا. ولو قال: لعرسِه يا زانية، فردَّتْ به حدَّتْ ولا لعان، وبزنيتُ بك هدراً، ولاعَن إن أقرَّ بولدٍ فنفى، وحدَّ إن عكس، والولدان له، ولا شيءَ بليس بابني، ولا بابنك، ولا حدَّ بقذفِ مَن لها وَلَدٌ لا أبَ له، أو لاعَنت بولد

ونحن نُغلِّبُ فيه حقَّ اللهِ تعالى؛ لأنَّ حقَّ العبدِ هو رفعُ العارِ راجعٌ إلى حقِّ اللهِ تعالى أيضاً؛ لأنَّ النِّسبةَ إلى الزِّنا إنِّما تكونُ سبباً للعار؛ لأنَّ اللهَ تعالى حرَّمَه.

(فإن قال: يا زاني، فردَّهُ بلا بل أنت حُدَّا.

ولو قال: لعرسِه (يا زانية) (١)، فردَّتْ به حدَّتْ ولا لعان)؛ لأنَّها قذفَت الزَّوج فتحدّ، وقذفُه إيَّاها لا يوجبُ الحدّ، بل اللِّعان، وهي لم تبقَ أهلاً للعان، ثُمَّ لا بُدَّ من تقديمِ الحدّ؛ (لأنَّه أقوى) (٢)؛ لأنَّه إن قُدِمَ يسقطُ اللِّعان؛ لأنَّها لم تبقَ أهلاً له، وإن قُدِّمَ اللِّعان لا يسقطُ الحدّ، وإذا وَجَبَ تقديمُهُ يقدَّم، ويسقطُ اللِّعان.

(وبزنيتُ بك هدراً): أي قال: لزوجتِه يا زانية، فردَّت بقولِها: زنيتُ بك هدراً؛ لأنَّ قولَ المرأةِ:

يحتملُ أن يكونَ تصديقاً له: يعني زنيتُ بك قبل النِّكاح.

ويحتملُ أن يكونَ ردَّاً: يعني إن وُجِدَ منِّي زناً، فهو ليس إلاَّ تمكيني إيِّاك؛ لأني ما مكنتُ غيرَك، وتمكيني إيِّاك ليس بزنا، فلا يكونُ لها دعوى اللِّعان؛ لاحتمالِ المعنى الأَوَّل، ولا حدَّ عليها لاحتمال المعنى الثَّاني.

(ولاعَن إن أقرَّ بولدٍ فنفى، وحدَّ إن عكس)؛ لأنَّ النَّسبَ يثبتُ بإقرارِه، ثُمَّ بالنَّفي يصيرُ قاذفاً، فيجبُ اللِّعان، أمَّا إن نفاه، ثُمَّ أقرَّ به، فقد أكذبَ نفسَه، فيجبُ الحدّ، (والولدان له): أي وَلَدٌ أقرَّ به ثُمَّ نفاه، وولدٌ نفاه ثُمَّ أقرَّ به، يثبتُ نسبُهما لا إقرارُه.

(ولا شيءَ بليس بابني، ولا بابنك) (٣)؛ لأنَّه نفي الولادة، ولا يجبُ به شيء.

(ولا حدَّ بقذفِ مَن لها وَلَدٌ لا أبَ له، أو لاعَنت بولد)، إنِّما قال: بولد؛ لأنَّها لو لاعَنت بدونِ الولد فبقذفِها يجبُ الحدّ، والفرقُ بينَهما أنَّه وُجِدَ في الأَوَّلِ إمارةُ الزِّنا، وهو الولدُ المنفي، ولم توجد بالثَّاني.


(١) زيادة من أ و ب و س و م.
(٢) زيادة من أ و ب و س.
(٣) لأن النفي ليس بقذف لها بالزنا يقيناً لجواز أن يكون الولدُ من غيره بوطءٍ عن شبهة لا عن زنا بأن زوَّجت نفسها من غيره. ينظر: «التبيين» (٣: ١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>