للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

........................ .................................................................................

فائتةُ في اليُسرى، يلزم تفويتُ جنسِ المنفعة، وهو في الحقيقةِ إهلاك.

وكذا إن كانت الرِّجل اليُمنى مقطوعة، أو شلاء؛ لأنَّه إذا لم يكن للإنسان يدٌ ورجلٌ في طرفٍ واحد، فهو لا يقدرُ على المشي أصلاً، وأمَّا من الطَّرفينِ فيضعُ العصا تحت إبطه؛ فيكونُ قائماً مقامَ الرِّجل، الفائتة.

وإذا ردَّ المسروقَ إلى مالكِه قبل الخصومةِ لا يمكنُ الدَّعوى، فلا يظهرُ السَّرقة.

وعند أبي يوسف - رضي الله عنه - يقطع.

و إنِّما قال: ملكه بهبة؛ ليُعْلَمَ أن المرادَ الهبة مع القبض.

وعند زُفر والشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنهم - يقطع.

وكذا في نقصانِ القيمةِ يقطعُ عندهما (٢).

وإنِّما لا يقطعُ عندنا؛ لأنَّ النِّصاب لمَّا كان شرطاً عند ظهورِ السَّرقة، وهو حالُ القضاء.

وقد ذُكِرَ في كتبِنا أنَّه لا يندفعُ القطعُ عند الشَّافِعِيِّ - رضي الله عنه - بمجرَّدِ دعوى السَّارق أنَّ المسروقَ ملكَه؛ لأنَّه لا يعجزُ سارقٌ عن ذلك، فيؤدِّي إلى سدِّ بابِ الحدّ، لكن في «الوجيز» (٣) ذكرَ خلافَ هذا (٤)، وعلَّلَ بأنَّه صارَ خصماً في المال، فكيفَ يقطعُ بحلفِ غيرِه.

وقولُهُ: أو لم يطالبْ مالكها وإن أقرَّ هو بها فلا قطع؛ أي إن لم يطالبْ مالكَ


(١) ينظر: «تحفة المحتاج» (٩: ١٢٩)، و «مواهب الصمد» (ص ١٤٠)، وغيرهما.
(٢) ينظر: «التنبيه» (ص ١٤٩)، و «حاشية على تحفة المحتاج» (٩: ١٢٥)، وغيرهما.
(٣) لمحمد بن محمد بن محمد الطُّوسي الغَزالي، أبو حامد، زين الدين، قال الأسنوي: إمامٌ باسمه تنشرح الصدور، وتحيى النفوس، وبرسمه تفتخر المحابر وتهتز الطروس، ولسماعه تخشع الأصوات وتخضع الرؤوس. من مؤلفاته: «الإحياء»، و «كيمياء السعادة»، و «بداية الهداية»، (٤٥٠ - ٥٠٥ هـ). ينظر: «طبقات الأسنوي» (٢: ١١١ - ١١٣). «طبقات ابن هداية الله» (ص ١٩٢ - ١٩٥)، «التعليقات السنية» (ص ٢٤٣).
(٤) ومنصوص على ذلك أيضاً في «المنهاج» (٤: ١٦١)، وشرحه «مغني المحتاج» (٤: ١٦١)، و «حاشيتا قليوبي وعميرة» (٤: ١٨٨)، وغيرها. ولكن في «مغني المحتاج» (٤: ١٦١): وفي وجهٍ أو قول مخرج يقطع؛ لئلا يتخذ الناس ذلك ذريعة؛ لدفع الحد. اهـ. فمنه يعلم أن ما في كتب الأحناف قول أو وجه مذكور في كتب الشافعية وإن كان المعتمد غيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>