للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما قطعَ به إن بقيَ ردّ، وإلاَّ لا يضمن وإن أتلف، ولا يضمنُ مَن سرقَ مرَّات، فقطعَ بكلِّها، أو بعضِها شيئاً منها، ولا قاطعَ يسار مَن أُمِرَ بقطعِ يمينِه بسرقة ولو عمداً. وقطعُ مَن شقَّ ما سرقَ في الدَّار، ثُمَّ أخرجَه، لا مَن سرقَ شاة، فذبَحها، فأخرج

(وما قطعَ به إن بقيَ ردّ، وإلاَّ لا يضمن وإن أتلف)؛ إنِّما قال: وإن أتلفَ احترازاً عن روايةِ الحَسَن عن أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - أنَّه يجبُ الضَّمان في الاستهلاك.

وعند الشَّافِعِي (١) - رضي الله عنه - يضمنُ في الهلاكِ والاستهلاك، فعنده القطعُ والضَّمان يجتمعان؛ لأنَّ الضَّمانَ بناءً على عصمةِ المال.

ونحن نقول: بانتقالِ العصمةِ إلى الله تعالى، معناه: إن المالَ كان معصوماً حقَّاً للعبد، فإذا وردَ عليه السِّرقة، أوجبَ الشَّارع الحدّ، وهو حقُّ الشَّرع، فالجنايةُ وردتْ على حقِّ الشَّرع، ففي حالةِ السَّرقةِ صارَ المالُ معصوماً حقَّاً للشَّرع، فلم يبقَ معصوماً لحقِّ العبد، فلا يجبُ الضَّمان.

(ولا يضمنُ مَن سرقَ مرَّات، فقطعَ بكلِّها، أو بعضِها شيئاً منها)، المسروقُ منهم إن حضروا حتى كان القطعُ للكلِّ لا يضمنُ لأحدٍ أصلاً، وإن حضرَ البعضُ حتى قطعَ لأجلِهم، فكذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعندهما يسقطُ ضمانُ مَن قُطِعَ لأجله.

(ولا قاطعَ يسار مَن أُمِرَ بقطعِ يمينِه بسرقة ولو عمداً (٢).

وقطعُ مَن شقَّ ما سرقَ في الدَّار، ثُمَّ أخرجَه)؛ وإنِّما يقطعُ إذا بلغَ المشقوقَ نصابَ السَّرقة.

وعند أبي يوسف - رضي الله عنه - لا يقطع؛ لأنَّ الثَّوبَ صارَ ملكاً للسَّارق بسببِ الخرقِ الفاحش.

لهما: إن الأخذَ ليس سبباً للملك، وإنِّما نقولُ بالملكِ ضرورةَ أداءِ الضَّمان؛ لئلا يجتمعَ البدلانِ في ملكِ شخصٍ واحد، ومثلُهُ لا يورثُ الشُّبهة.

(لا مَن سرقَ شاة، فذبَحها (٣)، فأخرج)؛ لأنَّ السرقةَ تمَّت على اللَّحم ولا قطعَ فيه.


(١) ينظر: «المنهاج» (٤: ١٧٧)، و «المحلي» (٤: ١٩٩)، و «تحفة الحبيب» (٤: ٢١١).
(٢) أي لا يضمن قاطع يسار من أمر القاضي بقطع يمينه بسرقة سواء كان عمداً أو خطأً؛ لان يمين السارق كانت مستحقة للإتلاف فقطع اليسرى فسلمت به اليمين، وتمامه في «شرح ابن ملك» (ق ١٤٥/ب).
(٣) في ج و ص و ف: فذبحه، وفي ق: فذبح.

<<  <  ج: ص:  >  >>