للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن هلكَ قبل شراء الآخر إن وكَّلَهُ حين الشَّركة صريحاً، فمشريه لهما، شركةُ ملك، ورجعَ بحصَّةِ ثمنِه وإلاَّ فله، ولكلٍّ من شريكي مفاوضة وعنان: أن يبضعَ، ويودعَ، ويضارب، ويوكِّل، والمال في يدِهِ أمانة، وشركةُ الصَّنائع والتَّقبُّل: وهي أن يشتركَ صانعان كخياطين، أو خياطٍ وصبَّاغ، ويتقبَّلا العمل لأجرٍ بينهما صحَّت، وإن شرطا العملَ نصفينِ والمالَ أثلاثاً

قولِهِ (١): هذا إذا اشترى أحدُهما بأحد المالين أوَّلاً، ثُمَّ هلكَ مالُ الآخر (٢). فيجبُ أن يفهمَ، وهلكَ مالُ الآخر قبل أن يشتري هذا الآخر بماله شيئاً، وإنما ذكرت هذا لأنه موضع الغلط.

(وإن هلكَ قبل شراء الآخر إن وكَّلَهُ حين الشَّركة صريحاً، فمشريه لهما، شركةُ ملك، ورجعَ بحصَّةِ ثمنِه وإلاَّ فله): أي إن هلكَ مالُ أحدِهما، ثُمَّ اشترى الآخرُ شيئاً بمالِه، فإن الشَّركةَ قد بطلَتْ بهلاكِ المال، فبطلتِ الوكالةُ الثَّابتةُ في ضمنِ عقدِ الشَّركة، فإن وكَّل أحدُهما الآخرَ بالشِّراء توكيلاً صريحاً، فيقول: كلُّ ما اشتريتَهُ بالمالِ الذي معك، فاشترِ نصفَه لي، فيكونُ المشترى بينهما شركةَ ملك، فللمشتري أن يرجعَ على الآخرِ بحصَّتِه من الثَّمن، وإن لم يوكِّلْه، فالمشترى يكون للمشتري.

(ولكلٍّ من شريكي مفاوضة وعنان: أن يبضعَ (٣)، ويودعَ، ويضارب): أي يدفعَ المالَ مضاربة، (ويوكِّل): أي يوكِّلُ أجنبياً بالبيعِ والشِّراء، ونحوهما، (والمال في يدِهِ أمانة): أي في يدِ كلِّ واحدٍ من الشَّريكينِ أمانةً حتَّى لا يضمنُهُ بلا تعدّ.

(وشركةُ الصَّنائع والتَّقبُّل) (٤): هذه هي الوجهُ الثَّالث من الشَّركة: (وهي أن يشتركَ صانعان كخياطين، أو خياطٍ وصبَّاغ، ويتقبَّلا (٥) العمل لأجرٍ بينهما صحَّت، وإن شرطا العملَ نصفينِ والمالَ أثلاثاً): أي الأجرةُ أثلاثاً بينهما، هذا عندنا.


(١) أي قول صاحب «الهداية» (٣: ٩).
(٢) انتهى من «الهداية» (٣: ٩).
(٣) يبضع: أي يدفع المال لآخر ليعمل فيه على أن يكون الربح لربّ المال ولا شيء للعامل. ينظر: «رد المحتار» (٣: ٣٤٤).
(٤) هذه الشَّركةُ تسمّى شركةُ الصَّنائعِ وهو جمعُ صناعةٍ كرسالةِ ورسائل، وهي كالصَّنعة، عبارةٌ عن حرفةِ الصَّانعِ وعمله، وتسمّى أيضاً شركةُ التَّقبّلِ على وزنِ التّفعّل؛ لاشتمالها على قبولِ العمل، وتسمّى أيضاً شركةُ الأعمالِ والأبدان. ينظر: «العمدة» (٢: ٤٠١).
(٥) ولا يشترط كون التقبُّل منهما معاً، فلو اشتركا على أن يتقبَّل أحدُهما المتاعَ ويعملَ الآخرُ، أو يتقبَّله أحدهما ويقطعُه ثمّ يدفعه إلى الآخر للخياط بالنصف جاز. ينظر: «البحر» (٥: ١٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>