للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولَزِمَ كلاً عملٌ قَبِلَهُ أحدُهما، فيطالَبُ كلٌّ بالعمل، ويطالِبُ الأجر، ويَبْرَأُ الدَّافعُ بالدَّفع إليه، والكسبُ بينهما، وإن عملَ أحدُهما فقط. وشركةُ الوجوه: وهي أن يشتركا بلا مالٍ ليشتريا بوجههما ويبيعا، فتصحُّ مفاوضة، ومطلقُها عنان، وكلٌّ وكيلُ الآخر في الشِّراء، فإن شرطا مناصفةَ المشتَرى، أو مُثالثتَه، فالرِّبح كذلك، وشرطُ الفضلِ باطل

وعند الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه -: لا يجوزُ هذه الشَّركة.

وعند مالك (٢) - رضي الله عنه - وزفر - رضي الله عنه -: لا يجوزُ إلاَّ عند اتِّحادِ العمل.

(ولَزِمَ كلاً عملٌ قَبِلَهُ أحدُهما، فيطالَبُ كلٌّ بالعمل، ويطالِبُ الأجر): أي يطالب كلُّ واحدٍ أجرَ عملٍ عملَهُ أحدُهما، (ويَبْرَأُ الدَّافعُ بالدَّفع إليه): أي بدفعِ الأجرِ إلى كلِّ واحدٍ منهما، (والكسبُ بينهما، وإن عملَ أحدُهما فقط.

وشركةُ الوجوه): هذه هي الوجهُ الرَّابع من الشَّركة: (وهي أن يشتركا بلا مالٍ ليشتريا بوجههما ويبيعا) أي ليشتريا بلا نقدِ الثَّمن؛ بسبب وجاهتِهما، فيبيعا، فما حصلَ من الثَّمن يدفعان منه الثَّمن إلى بائِعهما، فإن فضلَ منه شيءٌ يكون مشتركاً بينهما، وهذه الشَّركةُ لا تجوزُ عند الشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه -.

(فتصحُّ مفاوضة): بأن يشترطَ المساواةَ في الأمورِ التي يجبُ مساواتُها في المفاوضة، (ومطلقُها عنان، وكلٌّ وكيلُ الآخر في الشِّراء): أي إذا كان عقدُ الشَّركةِ مطلقاً، أمَّا إن شُرِطَتْ فيه المفاوضة، فكلٌّ وكيلُ الآخرِ وكفيلُه.

(فإن شرطا مناصفةَ المشتَرى، أو مُثالثتَه، فالرِّبح كذلك، وشرطُ الفضلِ باطل): أي إن شرطا أن المشتَرى يكون بينهما نصفين، أو أثلاثاً، وربحُ أحدِهما زائدٌ على قدرِ ملكِه، فذلك الشَّرطُ باطل؛ لأنَّ الرِّبحَ يكونُ بقدرِ الملك؛ لئلا يؤدِّي إلى ربحِ ما لم يضمن، بخلافِ العنان إذا كان رأس المالِ غيرُ العروض، فإنَّ رأسَ المالِ حينئذٍ لا يتعيّنُ بالتَّعيين، فلا يكون الرِّبح نماءَ رأسِ المالِ على ما مرّ.


(١) ينظر: «أسنى المطالب» (٢: ٢٥٤)، و «الغرر البهية» (٣: ١٦٦)، و «التجريد لنفع العبيد» (٣: ٤٠).
(٢) ينظر: «التاج والإكليل» (٧: ٩٤)، و «شرح الخرشي على مختصر خليل» (٦: ٥١)، و «الفواكه الداوني» (٢: ١٢٠)، و غيرها.
(٣) ينظر: «المحلي» (٢: ٤١٧)، و «نهاية المحتاج» (٥: ٤ - ٥)، و «فتوحات الوهاب» (٣: ٣٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>