للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلاَّ أن يحكمَ به حاكم. وإلاَّ في مسجدٍ بُنِي وأُفْرِزَ بطريقه، وأَذِنَ للنَّاس بالصَّلاة فيه، فَصَلَّى واحدٌ وإن جُعِلَ تحته سردابَ لمصالحِه، فإن جعلَ لغيرِها، أو وسطَ دارِهِ مسجداً، وأُذِنَ بالصَّلاةِ فيه فلا

عَلَّقَ بالموت، ففي التَّعليقِ بالموتِ روايتان عنه:

في روايةٍ: يصيرُ لازماً.

وفي روايةٍ: لا، واختارَ في «المتن» هذا.

وأمَّا عندهما فالوقفُ لازم، وعليه الفتوى، والأصلُ فيه وقفُ الخليلِ - عليه السلام - الكعبة (١).

وعند أبي حنيفة - رضي الله عنه - إنِّما يلزمُ بأحدِ الشيئين، وهو ما قال:

(إلاَّ أن يحكمَ به حاكم.

وإلاَّ في مسجدٍ بُنِي وأُفْرِزَ بطريقه (٢)، وأَذِنَ للنَّاس بالصَّلاة فيه، فَصَلَّى واحدٌ وإن جُعِلَ تحته سردابَ (٣) لمصالحِه).

اختلفَ في شرائطِ صيرورةِ المكان مسجداً:

فعند أبي يوسف - رضي الله عنه - يكفي مجرَّدُ قولِه: جعلتُهُ مسجداً؛ لأنَّ التَّسليم ليس بشرطٍ للزومِ الوقفِ عنده.

وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه - لا بُدَّ من أن يصلِّى فيه بجماعة.

وعند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - يكفي صلاةُ واحد، ثُمَّ جَعْلُ السِّرداب تحته لمصالحِ المسجدِ لا يمنعُ أن يكونَ مسجداً.

(فإن جعلَ لغيرِها، أو وسطَ دارِهِ مسجداً، وأُذِنَ بالصَّلاةِ فيه فلا): أي إن جُعِلَ تحت المسجدِ سِرداب لغيرِ مصالحِ المسجد، لا يصيرُ المسجدُ مسجداً، وكذا إذا جعلَ


(١) قد يقال: إن الكعبةَ كانت موقوفةً من قبل، فقد ثبتَ من الأخبارِ أنّها بنيت قبل آدم - عليه السلام -، بنتها الملائكةُ بإذن ربّهم، وطافوا بها، وطافَ بها آدم - عليه السلام -، ومن بعده إلى أن اندرست في طوفانِ نوح - عليه السلام - فجدَّدَ عمارتَها إبراهيمُ - عليه السلام - مع ابنهِ إسماعيل - عليه السلام - بإذن ربّهما إلاَّ أن يقال: إنَّ أرضَ الكعبةِ وإن كانت موقوفةً قبله ولم تكنْ في ملكه، لكنَّ الجدرانَ والعمارةَ حصلت بملكه ووقفه. ينظر: «العمدة» (٢: ٤٠٧).
(٢) أي جعلَ له طريق، وميّز بجميعِ الوجوهِ عن ملكِه، فلو كان العلوّ مسجداً والسّفلُ حوانيتٌ غير متعلِّقةٍ بالمسجدِ أو بالعكس لا يزولُ ملكُه؛ لتعلُّق حقِّ العبدِ به. ينظر: «العمدة» (٢: ٤٠٨).
(٣) السِّرداب: بيت يتخذ تحت الأرض لتبريد الماء وغيره. ينظر: «درر الحكام» (٢: ١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>