للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكلِّ في بيعِ ثَلَّةٍ أو ثَوْبٍ، كُلُّ شَاةٍ أو ذِرَاعٍ بكذا، وكذا كلُّ مَعْدُودٍ متفاوت. فإن باعَ صُبْرَةً على أنّها مائةُ صاعٍ بمئة، وهي أقلُّ أو أكثرُ أخذَ المُشْتَرِي الأقلَّ بحصَّتِهِ، أو فسخَ البيع، وما زادَ للبائع، وإن باعَ المَذْرُوعَ هكذا أَخَذَ الأَقَلَّ بكلِّ الثَّمَنِ أو تَرَك، والأَكثرُ له بلا خيارٍ للبائع

الكلِّ في بيعِ ثَلَّةٍ (١) أو ثَوْبٍ، كُلُّ شَاةٍ أو ذِرَاعٍ بكذا): لأنَّ البيعَ لا يجوزُ إلاَّ في واحدٍ، وذلك الواحدُ مُتَفَاوِت، (وكذا كلُّ مَعْدُودٍ متفاوت.

فإن باعَ صُبْرَةً على أنّها مائةُ صاعٍ بمئة، وهي أقلُّ أو أكثرُ أخذَ المُشْتَرِي الأقلَّ بحصَّتِهِ، أو فسخَ البيع، وما زادَ للبائع): لأنَّه لم يبعْ إلاَّ مائةَ صاعٍ، فالزَّائدُ له.

(وإن باعَ المَذْرُوعَ هكذا أَخَذَ الأَقَلَّ بكلِّ الثَّمَنِ أو تَرَك، والأَكثرُ له بلا خيارٍ للبائع): لأَنَّ الذِّراعَ وصفٌ فى الثَّوب (٢)، والمرادُ بِالوَصْف: الأمرُ الذي إذا قامَ بالمحَلِّ يُوجِبُ في ذلك المحلِّ حسناً أو قبحاً، فالكميَّةُ المحضةُ لا تكونُ من الأوصاف، بل هي أصلٌ؛ لأنَّ الكميةَ عبارةٌ عن قلَّة الأجزاءِ أو كثرتِها، والشَّيءُ إنِّما يوجدُ بالأَجزاء، والوصفُ ما يَقَومُ بالشَّيءِ فلا بُدَّ أن يكونَ مؤخَّراً عن وجودِ ذلك الشَّيء، فالكميَّةُ التي يَختلفُ بها الكيفيَّةُ كالذَّرعِ في الثَّوْبِ أمرٌ يَختلفُ به حسنُ المزيدِ عليه.

فإنَّ الثَّوْبَ إذا كان عشرةَ أذرعٍ يساوي عشرةَ دنانير، وإن كان تسعةَ أذرعٍ لا يساوي تسعةَ دنانير؛ لأنَّها لا تكفي جُبَّةً (٣)، والعشرةُ تكفي، فوجودُ الذِّراعِ الزائدِ على التِّسعةِ يزيدُ حسناً التِّسعةَ فيصيرُ كالأوصافِ الزَّائدة، فلا يقابلُها شيءٌ من الثَّمَن: أَي الثَّمَنُ لا يَنْقَسِمُ على الأَجزاءِ كما يَنْقَسِمُ في الحنطة، فإنَّهُ إذا كان عشرةَ أَقْفِزَةٍ بعشرةِ دراهمٍ، كان قُفِيزٌ واحدٌ بدرهمٍ، ولا كذلك في الثَّوْب، فإذا باعَ عشرةَ أذرعٍ بعشرةِ دراهم، فكان الثَّوْبُ تِسْعَةَ أذرعٍ كما في مسألتِنا لا يأخذه بتسعة، بل إن شاءَ أخذَ بعشرةٍ


(١) الثَّلَة: جماعة الغنم، والكثير منها، أو من الضأن خاصة. ينظر: «القاموس» (٣: ٣٥٤).
(٢) حاصل الاستدلالِ أنَّ الذراعَ وصف، والثَّمنُ لا ينقسمُ على الأوصاف، فكان كلُّ الثَّمنِ مقابلاً لكلِّ المبيع، إلاَّ أنّه ثبتَ الخيارُ للمشتري؛ لأنّه فاته وصف مرغوب فيه وقعَ عليه العقد، وما زادَ فللمشتري، ولا خيارَ فيه للبائع؛ لأنَّ الزَّائد هاهنا وصف، فكان هذا بمنْزلة ما إذا باعَ بشرطِ أنّه معيب، فإذا هو سليم، وقد عرفتَ مدارَ الاستدلالِ كونَ الذِّراع وصفاً. ينظر: «زبدة النهاية» (٣: ٩).
(٣) لجُبَّة: ضرب من مُقَطَّعات الثياب تُلْبَس، وجمعها: جُبب وجِباب. ينظر: «اللسان» (١: ٥٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>