للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرَّدِّ لعدمِ الملكِ، وبَقِيَ خِيارُ مأذُونٍ شَرَى شيئاً بالخِيارِ وأَبْرَأهُ بائعُهُ عن ثمنِهِ في المدَّة؛ لأَنَّ المأذُونَ يلي عدمَ التَّمَلُّكِ، وبطلَ شراءُ ذمْيٍّ من ذميٍّ خمراً بالخِيارِ إن أسلم؛ لئلا يتمَلَّكَها مسلماً بإسقاطِ خِيارِهِ

بالرَّدِّ لعدمِ الملكِ): أي المُشْتَرِي بالخِيارِ (١) إن قَبَضَ مُشَتَرَاهُ، ثمَّ أودعَهُ عند البائعِ، فهَلَكَ في يدِ البائِعِ، فهُلْكُهُ في يدِهِ يكونُ على البائع؛ لأَنَّ القَبْضَ قد ارتفعَ بالرَّدّ؛ لأَنَّ المُشْتَرِي لم يَمْلِكْهُ، فلم يصحَّ الايداع، بل رَدُّهُ إلى البائعِ يكونُ رفعاً للقَبْضِ، فَيَكُونُ الهلاكُ قبل القَبْض، فيكونُ على البائع، وعندهما لمَّا مَلَكَهُ المُشْتَرِي صَحَّ إيداعُهُ، فلا يَرْتَفِعُ القَبْضُ، فكأنَّه هَلَكَ في يدِ المُشْتَرِي، فيكونُ الهَلاكُ من ماله.

(وبَقِيَ خِيارُ مأذُونٍ شَرَى شيئاً بالخِيارِ وأَبْرَأهُ بائعُهُ عن ثمنِهِ في المدَّة؛ لأَنَّ المأذُونَ يلي عدمَ التَّمَلُّكِ): أي إن اشْتَرَى عبدٌ (٢)

مأذونٌ شيئاً بالخِيار، وأبرأهُ بائعُهُ عن ثمنِهِ في مُدَّةِ الخِيارِ، بَقِي خِيارُهُ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: لا يبقى له الخِيَار؛ لأَنَّهُ إن بقي كان له ولايةُ الرَّدِّ، فردُّهُ يكون تَمْلِيكَاً بغيرِ عِوَضٍ، والمأذونُ لا يملكُ ذلك، وعند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - لَمَّا لم يَمْلِكْهُ كان رَدُّهُ امتناعاً عن التَّمَلُكِ، وللمأَذُونِ ولايةُ ذلك؛ فإنَّهُ إذا وُهِبَ له شيئاً فله ولايةُ أَنْ لا يَقْبَلَهُ.

(وبطلَ شراءُ ذمْيٍّ من ذميٍّ خمراً بالخِيارِ إن أسلم؛ لئلا يتمَلَّكَها مسلماً بإسقاطِ خِيارِهِ): أي إن اشترى ذِمْيٌّ بشرطِ خِيارِهِ من ذِمْيٍّ خمراً، ثُمَّ أسلمَ المُشْتَرِي (٣) بطلَ شراؤُه؛ لأَنَّهُ إن بَقِيَ فعندَ إسقاطِ الخِيارِ يَتَمَلَّكُهُ المُشْتَري، فيلزَمُ تَمَلُّكَ المسلم الخمر، وعندهما ينفذُ الشِّراءُ وبطلَ الخِيار؛ لأَنَّهُ لو بَقِيَ يَمْلِكُ رَدَّهَا، والرَّدُّ يكونُ


(١) قيّدَ به لأنّه لو كان الخيارُ للبائعِ فسلَّمَ المبيعَ إلى المشتري فأودعَه البائع، فهلكَ عنده بطلَ البيعُ عند الكلّ، ولو كان البيعُ باتّاً فقبضَ المشتري المبيعَ بإذنِ البائعِ أو بغيرِ إذنه ثمَّ أودعه البائع فهلك، كان على المشتري اتّفاقاً؛ لصحّة الإيداع. ينظر: «البحر» (٦: ١٧).
(٢) قيد به؛ لأن الإذن نوعان:
أحدهما: إذن العبد، وهو فك الحجر بالرق الثابت شرعاً على العبد وإسقاط الحقّ فيتصرف العبد لنفسه لأهليته.

وثانيهما: إذن الصبي والمعتوه، وهو فك الحجر وإثبات الولاية لهما. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٧٦).
(٣) أما لو أسلم البائع فلا يبطل بالإجماع وصار المشترى على حاله. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>