للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومَن له الخِيارُ يُجِيزُ وإن جَهِلَ صاحبُه ولا يَنْفَسِخُ بلا علمِه، فإن فسخَ وعَلِمَهُ في المدَّة انفسخَ وإِلاَّ تَمَّ عَقْدُه

تمليكاً، والمسلم لا يملكُ تمليكَ الخمر، فهذه المسائلُ ثمراتُ الخلاف (١)

(ومَن له الخِيارُ يُجِيزُ وإن جَهِلَ صاحبُه ولا يَنْفَسِخُ بلا علمِه): أَي إن فسخَ مَن له الخِيارُ لا يَنْفَسِخُ بلا عِلْمِ صاحبِهِ خلافاً لأبي يوسفَ - رضي الله عنه - والشَّافِعِيِّ (٢) - رضي الله عنه -، لَهُمَا: أنّه إن شرطَ عِلْمِ صاحبِهِ لم يبقَ فائدَة في شرطِ الخِيارِ؛ لأَنَّ صاحبَهُ إن اختفى في مُدَّةِ الخِيار، فلم يَصِلِ الخبرُ إليه، فيتمُّ العقدُ فيَتَضَرَّرُ مَن له الخِيار (٣)، (فإن فسخَ وعَلِمَهُ في المدَّة انفسخَ وإِلاَّ تَمَّ عَقْدُه (٤).


(١) وزادوا عليها مسائل أخر:
منها: ما إذا تخمّرَ العصيرُ في بيعِ مسلمين في مدّته فسدَ البيعُ عنده، ولعجزِهِ عن تملّكه عندهما يتمُّ لعجزِهِ عن ردّه.
ومنها: لو اشترى داراً على أنّه بالخيار وهو ساكنها بإجارةٍ أو إعارة فاستدامَ سكنها، قال السَّرَخْسِيُّ: لا يكونُ اختياراً، وهو كابتداءِ السّكنى، وقال خُوَاهَرْ زَادَه: استدامتُها اختيارٌ عندهما؛ لملك العين، وعنده: ليس باختيار.

ومنها: حلالٌ اشترى ظَبيّاً بالخيار فقبضه ثمّ أحرم، والظَّبْيُّ في يدِهِ ينتقضُ البيعُ عنده، ويردُّ إلى البائع، وعندهما: يلزمُ المشتري، ولو كان الخيارُ للبائعِ ينتقضُ بالإجماع، ولو كان للمشتري فأحرمَ البائع، للمشتري أن يردّه.
ومنها: إذا كان الخيارُ للمشتري، وفسخ العقد فالزوائدُ تردّ على البائعِ عنده؛ لأنّها لم تحدث على ملكِ المشتري، وعندهما: للمشتري؛ لأنّها حدثت على ملكِه. ينظر: «الفتح» (٥: ٥٠٩)، و «البحر» (٦: ١٧ - ١٨)، و «مجمع الأنهر» (٢: ٢٨).
(٢) ينظر: «المنهاج» وشرحه «مغني المحتاج» (٢: ٤٩)، وغيرهما.
(٣) ولأبي حنيفة - رضي الله عنه - ومحمد - رضي الله عنه - أنه تصرُّف في حقّ الغير بالرفع ولا يعرى عن الضرر؛ لأن الخيار إن كان للبائع جاز أن يعتمد المشتري تمام العقد فيتصرَّف فيه، فيلزمه غرامة القيمة بهلاك المبيع، وإن كان للمشتري جاز أن لا يطلب البائع لسلعته مشترياً، وهذا نوع ضرر فيتوقَّفُ على علمِهِ كعزل الوكيل، بخلاف الإجازة إذ لا إلزام فيها مع أنه موافق له فيها، وعورض بأن ما ذكرتم من إلزام الضرر وإن دلّ على اشتراط العلم ولكن عندنا ما ينفيه وهو أنه إن لم ينفرد بالنقض لربما اختفى من ليس له الخيار إلى مضي المدّة فيلزمُ البيع، وأجيب بأنه ضررٌ مرضيٌّ به منه حيث ترك الاستيثاق بأخذ الكفيل مخافة الغيبة. ينظر: «الدرر» (٢: ١٥٣).
(٤) محلُّ هذا الاختلاف في الفسخ بالقول، أما الفسخ بالفعل كالبيع والعتق وتوابعه والوطء وداوعيه بشهوة ضمني فلا خلاف في جوازه مع غيبة الآخر. ينظر: «الشرنبلالية» (٢: ١٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>