للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبطلَ بيعُ المسيلِ وهبتُه، وصحَّا في الطريقِ، (وأمْرُ المسلمِ بيعَ خمرٍ، أو خِنْزيرٍ، أو شرائِهما ذميَّاً، وأَمْرُ المُحْرِمِ غيرَهُ ببيع صيدِهِ، وصحَّ البيعُ بشرطٍ يقتضيه العقدُ: كشرطِ الملكِ للمشتري، أو لا يقتضيه ولا نفع فيه لأحدٍ: كشرطِ أن لا يبيعَ الدَّابّةَ المبيعة، بخلاف شرطٍ لا يقتضيه العقد، وفيه نفعٌ لأحدِ العاقدينِ، أو لمبيع يستحقُّه

(وبطلَ بيعُ المسيلِ وهبتُه، وصحَّا في الطريقِ): أي صحَّ البيعُ والهبةُ في الطَّريقِ، قيل: إن أُرِيدَ رقبةُ المسيلِ والطَّريقِ فمقدارُ ما يسيِّلُهُ الماءُ مجهولٌ، فلا يجوزُ فيه البيعُ والهبة، وأمَّا الطَّريقُ فمعلومٌ، وإن لم يُبَيِّنْ، فهو مُقَدَّرٌ بعرضِ باب الدَّارِ كذا في «باب القسمة»، فيجوزُ فيه البيعُ والهبة، وإن أُريدَ حقُّ المسيلِ، فإن كان على الأرضِ فمجهولٌ لِمَا مرَّ، وإن كان على السَّطحِ، فهو حقٌّ التَّعلِّي، فهو حقٌّ متعلِّقٌ بعينٍ لا يَبْقَى، وحَقُّ المرورِ فيه روايتانِ:

وجه البطلانِ غيرُ مال (١).

ووجه الصِّحةِ الاحتياج به، وهو حقٌّ معلومٌ متعلِّقٌ بعينٍ باق (٢).

(وأمْرُ المسلمِ بيعَ خمرٍ، أو خِنْزيرٍ، أو شرائِهما ذميَّاً، وأَمْرُ المُحْرِمِ غيرَهُ ببيع صيدِهِ): فقولُهُ: وأَمْرُ؛ عطفٌ على الضَّميرِ المرفوعِ المتصلِ في قوله: وصحَّا، فهذا العطف جائزٌ؛ لوجود الفصل، وهو قوله: في الطريقِ؛ وهذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعندهما: لا يجوزُ؛ لأنّ الموكِّلَ لا يليه بنفسه، فلا يُولِّي غيرَه. وله: إن العاقدَ، وهو الوكيلُ يتصرُّفُ بأهليتِه (٣).

(وصحَّ البيعُ بشرطٍ يقتضيه العقدُ: كشرطِ الملكِ للمشتري، أو لا يقتضيه ولا نفع فيه لأحدٍ: كشرطِ أن لا يبيعَ الدَّابّةَ المبيعة، بخلاف شرطٍ لا يقتضيه العقد، وفيه


(١) فأشبهَ المنافع، وبيعُ المنافعِ لا يجوز، فكذا هذا، وهذه روايةِ «الزِّيادات» وصحَّحها الفقيهُ أبو اللَّيثِ - رضي الله عنه - بأنَّه حقُّ من الحقوق، وبيعُ الحقوقِ بالإنفرادِ لا يجوز. ينظر: «الدرر» (٢: ١٧٣).
(٢) وهي رواية ابن سماعة - رضي الله عنه -، وفيها يجوز: ووجهُ الصحَّةِ الاحتياجُ به، وهو حقٌّ معلومٌ يتعلَّقُ بعينٍ تبقى، وهو الأرض، فأشبه الأعيان، وفيه نظر؛ لأنَّ السُّكنى من الدارِ مثلاً حقُّ يتعلِّقُ بعينٍ تبقى وهو بمال، ولا يجوز بيعه. ينظر: «العناية» (٦: ٦٦).
(٣) أي إنّ الوكيلَ إنّما يملكُ التصرُّفَ لكونِهِ حُرّاً عاقلاً بالغاً؛ ولهذا يستغني عن الإضافةِ إلى الموكِّل، وترجعُ الحقوقُ إليه، والحاجةُ إلى الموكِّل؛ لانتقالِ حكمِ التصرُّف إليه، والموكِّلُ أهلٌ لانتقالِ ملكِ الخمرِ إليه إرثاً، وصورةُ الإرث بأن أسلمَ النصرانيّ وله خنازيرُ وخمور، وماتَ قبل تسييبِ الخنازيرِ وتخليل الخمر، وله وارثٌ مسلم يملكُها. كذا في «الكفاية» (٦: ٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>