للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولم يَجُزِ التَّصَرُّفُ في رأسِ المالِ والمسلَّم فيه كالشَّركةِ والتَّوليةِ قبل قبضه، ولا يجوز شراءُ شيءٍ من المسلَّمِ إليه برأسِ المالِ بعد الإقالةِ حتى يقبضَه

العقدَ صحيحٌ وهذا الشَّرطُ شرطُ البقاءِ فيكونُ ضعيفاً.

ثُمَّ من تفاريعِ قبضِ رأسِ المالِ أن السَّلَمِ لا يجوزُ مع خيارِ الشَّرط وخيارِ الرُّؤية؛ لأنَّهما يَمْنَعانِ تمامَ التَّسليمِ بخلافِ خيارِ العيب، فانَّه لا يَمْنَعُ تمامَهُ، فلو أُسْقِطَ خيارُ الشَّرطِ قبل الافتراقِ صحَّ خلافاً لزُفَرَ - رضي الله عنه -.

(ولم يَجُزِ التَّصَرُّفُ في رأسِ المالِ والمسلَّم فيه كالشَّركةِ والتَّوليةِ قبل قبضه) (١)، صورةُ الشَّركةِ: أن يقولَ ربُّ السَّلَمِ لآخرَ: أعطني نصفَ رأسِ المالِ؛ ليكون نصفُ المُسَلَّمُ فيه لك.

وصورةُ التَّولية أن يقولَ: أعطني مثل ما أعطيت للمُسَلَّم إليه حتى يكونَ المُسَلَّم فيه لك.

ومن صورةِ التَّصرّفِ في رأسِ المال: أن يُعطي بدلَ رأسِ المالِ شيئاً آخر.

ومن صورةِ التَّصرفِ في المسلَّم فيه: أن يعطي بدلَهُ شيئاً آخر.

(ولا يجوز شراءُ شيءٍ من المسلَّمِ إليه برأسِ المالِ بعد الإقالةِ حتى يقبضَه)، قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تأخذْ إلا سلمك أو رأسَ مالك» (٢): أي لا تأخذ المسلَّمَ فيه على تقديرِ المضي على العقد، أو رأسَ مالكِ على تقديرِ إقالةِ العقد.


(١) لأن المسلم فيه مبيع والتصرف فيه قبل القبض لا يجوز، ولرأس المال شبه بالمبيع فلا يجوز التصرّف قبل القبض، ففي التولية تمليكه بعوض، وفي الشركة تمليك بعضه بعوض فلا يجوز. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ١٠٣).
(٢) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أسلف في شيء فلا يصرفه إلى غيره» في «سنن أبي داود» (٣: ٢٧٦)، و «سنن ابن ماجه» (٢: ٧٦٦)، وفي «الدارقطني» (٣: ٧٥) اللفظ السابق، ولفظ: «فلا يأخذ إلا ما أسلم فيه أو رأس ماله»، قال الترمذي: لا أعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه وهو حديث حسن، قال ابن حجر في «التلخيص» (٣: ٢٥): فيه عطية بن سعد العوفي وهو ضعيف وأعلَّه أبو حاتم والبيهقي وعبد الحق وابن القطان بالضعف والاضطراب. وفي «مصنف ابن أبي شيبة» (٤: ٢٧٠): عن عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب أن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - كان يسلف له في الطعام، فقال للذي كان يسلف له: لا تأخذ بعض مالنا وبعض طعامنا ولكن خذ رأس مالنا كله أو الطعام وافياً، وفي «مصنف عبد الرزاق» (٨: ١٤): عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: إذا أسلفت في شيء فلا تأخذ إلا رأس مالك أو الذي أسلفت فيه. والآثار في ذلك كثيرة. وينظر: «نصب الراية» (٤: ٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>