للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَيُجْبَرُ الصَّانِعُ على عملِه، ولا يَرْجِعُ الآمرُ عنه، والمبيعُ هو العينُ لا عَمَلُه، فإن جاء بما صنعَهُ غيرَه، أو صنعَهُ هو قبل العقد، فأخذَهُ صحَّ، ولا يتعيَّنُ له بلا اختيارِه، فصحَّ بيعُ الصَّانعِ قبل رؤيةِ الآمر، وله أخذُهُ وتركُه، ولم يصحَّ فيما لا يُتَعامَلُ كالثَّوب.

مسائل شتّى

صَحَّ بيعُ الكلبِ والفهدِ والسِّباعِ عُلِّمَتْ أو لا

اصنعْ لي من مالكَ خُفَّاً من هذا الجنسِ بهذه الصِّفةِ بكذا، فإن أجَّلَ أجلاً معلوماً كان سَلَماً سواء جَرَى فيه التَّعاملُ أو لا، فيعتبرُ فيه شرائطُ السَّلَمُ وإن لم يؤجِّلْ، فإنْ كان ممَّا يجرى فيه التَّعاملُ صحَّ بطريقِ البيعِ لا بطريقِ العِدَة (١)، فإن لم يَجْرِ فيه التَّعاملُ لا يجوز.

ثمّ ذكرَ فروعَ أنَّه بيعٌ لا عِدَةٌ فقال: (فَيُجْبَرُ الصَّانِعُ على عملِه، ولا يَرْجِعُ الآمرُ عنه، والمبيعُ هو العينُ لا عَمَلُه، فإن جاء بما صنعَهُ غيرَه، أو صنعَهُ هو قبل العقد، فأخذَهُ صحَّ، ولا يتعيَّنُ له بلا اختيارِه، فصحَّ بيعُ الصَّانعِ قبل رؤيةِ الآمر (٢)، وله أخذُهُ وتركُه، ولم يصحَّ فيما لا يُتَعامَلُ كالثَّوب): أي إذا لم يؤجِّلْ كما شرحناه.

مسائل شتّى

(صَحَّ بيعُ الكلبِ والفهدِ والسِّباعِ عُلِّمَتْ أو لا)، هذا عندنا، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه - لا يجوزُ بيعُ الكلبِ العقورِ، وعند الشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - لا يجوزُ بيعُ الكلبِ أصلاً بناءً على أنَّه نَجِسُ العينِ عنده، وعندنا إنَّما يجوزُ بناءً على الانتفاعِ به وبجلدِه (٤).


(١) كما ذهب إليه الحاكم الشهيد - رضي الله عنه - قائلاً إذا جاء مفروغاً عنه ينعقد بالتعاطي؛ ولذا يثبت الخيار لكلِّ واحد منهما، لكن الصحيح من المذهب جوازه بيعاً؛ لأن محمداً - رضي الله عنه - ذكر فيه القياس والاستحسان وهما لا يجريان في المواعدة. ينظر: «مجمع الأنهر» (٢: ١٠٦).
(٢) أي المستصنع لعدم تعيّنه حينئذ؛ لأن تعيّنَه باختيار الآمر، واختيار الآمر بعد رؤيته، ولا يثبت للمستصنع خيار الرؤية إذا جاء به الصانع على الصفة المشروطة عند أبي حنيفة - رضي الله عنه - خلافاً لهما. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٣٨٤).
(٣) ينظر: «الأم» (٢: ٥٢)، و «روض الطالب» (٢: ٣٠)، و «الغرر البهية» (٢: ٤٠٢)، وغيرها.
(٤) أما اقتناءُ الكلبِ للصَّيدِ أو لحفظِ الزرع، أو المواشي، أو البيوتِ فجائزٌ بالإجماع. ينظر: «كمال الدراية» (ق ٤٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>