للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذِّميُّ في البيعِ كالمسلمِ إلا في الخمرِ والخِنْزيرِ، وهما في عقد الذِّمي كالخلِّ والشَّاة في عقد المسلمِ، ومَن زوَّجَ مشريتَهُ قبل قبضِها صحَّ، فإن وُطئتْ فقد قُبِضَتْ، وإلا فلا، ومَن اشترى شيئاً، وغاب غيبةً معروفةً، فأقامَ بائعُهُ بيِّنةً على أنَّه باعَهُ منه لم يَبِعْ في دَيْنِه، وإن جَهِلَ مكانَهُ بِيعَ، وإن اشترى اثنانِ وغابَ واحدٌ، فللحاضرِ دفعُ ثمنِه، وقبضُهُ وحبسُهُ إن حَضَرَ الغائبُ إلى أن يأخذَ حصَّتَهُ

(والذِّميُّ في البيعِ كالمسلمِ (١) إلا في الخمرِ والخِنْزيرِ، وهما في عقد الذِّمي كالخلِّ والشَّاة في عقد المسلمِ)، حتى يكون الخمرُ من ذواتِ الأمثال، والخِنْزيرُ من ذواتِ القيم.

(ومَن زوَّجَ مشريتَهُ قبل قبضِها صحَّ، فإن وُطئتْ فقد قُبِضَتْ، وإلا فلا): أي بمجرّدِ التَّزويجِ لا يكونُ قابضاً استحساناً، والقياسُ أن يصيرَ قابضاً؛ لأنَّها تعيَّبتْ بالتَّزويج، وجهُ الاستحسانِ أن التَّعيُّبَ الحقيقي استيلاءٌ على المحلِّ، فيكونُ قَبْضاً بخلافِ التَّعيُّبِ الحكميّ.

(ومَن اشترى شيئاً، وغاب غيبةً معروفةً، فأقامَ بائعُهُ بيِّنةً على أنَّه باعَهُ منه لم يَبِعْ في دَيْنِه): أي في ثَمَنِ المبيع، بل يطلبُ الثَّمنَ من المشتري، فإنَّ مكانَهُ معلومٌ، (وإن جَهِلَ مكانَهُ بِيعَ) (٢): أي بِيعَ وأَوْفَى الثَّمَن.

(وإن اشترى اثنانِ وغابَ واحدٌ، فللحاضرِ دفعُ ثمنِه، وقبضُهُ وحبسُهُ إن حَضَرَ الغائبُ إلى أن يأخذَ حصَّتَهُ): هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - ومحمّد - رضي الله عنه -؛ (٣) وذلك لأنَّه


(١) لأنه مكلّف بموجب المعاملات، فما جاز للمسلم من البياعات جاز له، وما لا فلا. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٣٨٥).
(٢) صورة المسألة: إن من اشترى شيئاً منقولاً غاب المشتري قبل القبض ونقد الثمن غيبة معروفة، فأقام البائع البيّنة أنه باعه منه، فإنّ القاضي لم يبع في دين البائع؛ لانه يتوصل إلى حقّه بالذهاب إليه، فلا حاجة إلى بيعه؛ لأن فيه إبطال حقّ المشتري في العين، فإن جهل مكان المشتري بان لم يدرِ أين هو، باع القاضي المبيع لدين البائع. ينظر: «منح الغفار» (ق ٢: ٦٨/ب).
(٣) الخلافُ هاهنا في مواضع:
أحدُها: في قبضِ جميعِ المبيعِ على تقديرِ إيفاءِ الثمنِ كلّه.
والثاني: في حبس نصيبِ الغائب عنه إذا حضر.
والثالث: من الرجوعِ عليه بما أدَّى.
والرابع: في إجبارِ البائعِ على قبولِ ما أدَّاه الحاضرُ من نصيبِ الغائب، عندهما: يجبر، وعنده: لا.
والخامس: في إجبارِ البائعِ على تسليمِ نصيبِ الغائبِ من المبيعِ إلى الحاضرِ عند إيفاءِ الثمنِ كلّه، فعندهما: يجبر، وعنده: لا. ينظر: «الرمز» (٢: ٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>