للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبدفعِهِ إلى مَن كفلَ له حيث يُمْكِنُهُ مخاصمتُه، وإن لم يقلْ إذا دفعتُ إليك فأنا بريءٌ، فإن شَرْطَ تسليمَهُ في مجلسِ القاضي، وسَلَّمَهُ في السُّوقِ، أو في مصرٍ آخر برئ، وإن سَلَّم في بريةٍ، أو في السَّواد، أو في السِّجنِ، وقد حبسَهُ غيره لا، وبتسليمِ مَن كفل به نفسَهُ من كفالته

(وبدفعِهِ إلى مَن كفلَ له حيث يُمْكِنُهُ مخاصمتُه، وإن لم يقلْ إذا دفعتُ إليك فأنا بريءٌ، فإن شَرْطَ تسليمَهُ في مجلسِ القاضي، وسَلَّمَهُ في السُّوقِ، أو في مصرٍ آخر برئ (١)، وإن سَلَّم في بريةٍ، أو في السَّواد، أو في السِّجنِ، وقد حبسَهُ غيره لا): قيل: في زماننا لا يبرأُ بتسليمِهِ في السوق؛ لأنَّه لا يعاونه أحدٌ على إحضارِهِ في مجلس القضاء، فعلى هذا إن سلَّمَهُ في مصرٍ آخر إنِّما يَبْرَأُ إذا سلَّمَهُ في موضعٍ يقدِرُ على إحضارِهِ في مجلسِ القاضي، حتَّى لو سلَّمَهُ في سوقِ مصرٍ آخرَ لا يَبْرَأ في زمانِنا؛ لعدمِ حصولِ المقصود.

وقولُهُ: وقد حبسَهُ غيرُهُ؛ أي غيرُ هذا الطالب، قيل: إنِّما لا يَبْرأُ هاهنا إذا كان السِّجنُ سجنَ قاضٍ آخرَ، أمَّا لو كان السجنُ سجنَ هذا القاضي يَبْرأُ، وإن كان حبسَهُ غيرُ هذا الطَّالب؛ لأنَّ القاضي قادرٌ على إحضاره من سجنِه.

(وبتسليمِ مَن كفل به نفسَهُ من كفالته (٢)): أي بتسليمِ المكفولِ به نفسه من كفالةِ الكفيل.


(١) لحصولِ المقصود، فإنَّ المقصودَ من التسليمِ في مجلسِ القاضي إمكانُ الخصومةِ واستخراجُ الحقِّ بإثباتِ حقِّهِ عليه، وهذا الإمكانُ حاصلٌ من تسلُّمهُ في مكانٍ آخر، وقال السَّرَخْسيّ: في زماننا لا يبرأُ إذا شرطَ التسليمَ في مجلسِ القضاءِ بالتسليمِ في مكانٍ آخر؛ لأنَّ الظَّاهرَ أنّه لا يعاونُهُ أحد من أهلِ الطريقِ والسوقِ على إحضارِ المكفولِ به في مجلسِ القاضي، بل يعاونونه على الامتناع؛ لغلبةِ الفسَّاقِ والمفسدين، وقيل: يجبُ أن يفتى بذلك. وفي «الملتقى» (ص ١٢٤): والمختارُ في زماننا أنّه لا يبرأ. انتهى. أى سواءٌ كان التسليمُ في سوقِ ذلك المصرِ أو في سوقِ مصرٍ آخر. وفي «المنح» (ق ٢: ٧٩/أ-ب): وهو قولُ زفر - رضي الله عنه -، وبه يفتى في زماننا؛ لتهاونِ النَّاسِ في إقامةِ الحقّ، ومحلُّ الاختلافِ في بلدٍ لم يعتادوا نزعَ الغريمِ من يد الخصم. ينظر: «الفتح» (٦: ٢٨٩)، و «البحر» (٦: ٢٢٩).
(٢) هذا قيدٌ في الجميع، يعني لا يبرأ الكفيلُ حتى يقول المكفول: سلمتُ نفسي إليكَ من الكفالة، والوكيلُ والرسولُ كالمكفول لا بُدّ من التسليم عنها، وإلاَّ لا يبرأ. ينظر: «منح الغفار» (ق ٢: ٧٩/ب).

<<  <  ج: ص:  >  >>