للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيما يُقِرُّ به مع حَلْفِهِ، والأصيلُ فيما يُقِرُّ بأكثر منه على نفسِهِ فقط، وللطالبِ مطالبةُ مَن شاءَ من أصيلِهِ وكفيلِهِ، ومطالبتُهما، فإن طالبَ أحدَهما، فله مطالبةُ الآخرِ، وتصحُّ بأمرِ الأصيلِ وبلا أمرِه، ثمَّ إن أمرَه رجعَ عليه بعد أدائِهِ إلى طالبِه، ولا يطالبُهُ قبلَه

فيما يُقِرُّ به مع حَلْفِهِ، والأصيلُ فيما يُقِرُّ بأكثر منه على نفسِهِ فقط): أي إن لم يقم البيِّنةَ صُدِّقَ الكفيلُ في مقدارِ ما يُقِرُّ به مع أنه يحلفُ على نفي الزِّيادةِ، وينبغي أن يحلفَ على العلمِ بأنَّكَ لا تعلمُ أنَّ أكثرَ من هذا واجبٌ على الأصيلِ، فإن كَفِلَ أو أقرَّ بالزَّائدِ لَزِمَ عليه، وإنِّما يحلفُ على العلم؛ لأنَّ الحلفَ فيما يَجِبُ على الغيرِ ليس إلاَّ على العلم.

وإن أقرَّ الأصيلُ بأكثرَ ممِّا أقرَّ به الكفيلُ يكونُ ذلك مقتصراً عليه؛ لأنَّ الإقرارَ حجَّةٌ قاصرةٌ.

وكلمةُ: ما؛ في قولِهِ: فيما يُقِرُّ به؛ موصولةً، والضَّميرُ في به راجعٌ إلى: ما.

وفى قوله: فيما يُقِرُّ بأكثرَ منه مصدريةً: أي صُدِّقَ الأصيلُ في إقرارِهِ بأكثر منه: أي ممِّا يقرُّ به الكفيلُ، ولو جعلتْ موصولةً يفسدُ المعنى؛ لأنَّه حينئذٍ يصيرُ تقديرُ الكلامِ صُدِّقَ الأصيلُ في الشَّيءِ الذي يُقِرُّ بأكثرَ منه: أي من ذلك الشِّيءِ، فالشيءُ الذي يُقِرُّ الأصيلُ بأكثرَ منه، هو ما أقرَّ به الكفيلُ، والغرضُ أن الأصيلَ يُصَدَّقُ في الأكثرِ لا أنَّه يُصَدَّقُ فيما أقرَّ به الكفيلُ.

(وللطالبِ مطالبةُ مَن شاءَ من أصيلِهِ وكفيلِهِ، ومطالبتُهما، فإن طالبَ أحدَهما، فله مطالبةُ الآخرِ)، هذا بخلافِ المالكِ إذا اختارَ أحدَ الغاصبين؛ لأنَّ اختيارَهُ أحدَهما يتضمَّنُ تمليكَهُ: يعني إذا قضى القاضي بذلك. كذا في «مبسوطِ شيخ الإسلام» (١)، فإذا مَلَّكَ أحدَهما لا يُمْكِنَهُ أن يُمَلِّكَ الآخرَ.

(وتصحُّ … (٢) بأمرِ الأصيلِ وبلا أمرِه، ثمَّ إن أمرَه رجعَ عليه بعد أدائِهِ إلى طالبِه، ولا يطالبُهُ قبلَه)، بخلافِ الوكيلِ في الشَّراءِ؛ فإنَّه إذا اشترى كان له مطالبةُ الثَّمنِ


(١) وهو عليُّ بن محمد بن إسماعيل الإسْبِيجَابِيّ السَّمَرْقَنْدِيّ، أبو الحسن، المعروف بشيخ الإسلام، نسبةً إلى إسبيجاب: بلدةٌ من ثغور الترك، قال الكفوي: لم يكن أحد يحفظ مذهب أبي حنيفة - رضي الله عنه - ويعرف مثله في عصره، عمَّر العمر الطويل في نشر العلم. من مؤلفاته: «شرح مختصر الكرخي»، و «المبسوط»، (٤٥٤ - ٥٣٥ هـ). ينظر: «الجواهر» (٢: ٥٩١). «هدية العارفين» (١: ٦٩٧). «الفوائد» (ص ٢٠٩).
(٢) في ب زيادة: أي الكفالة.

<<  <  ج: ص:  >  >>