للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نحو: كفلتُ بما لَكَ عليه، أو بما يدركك في هذا البيعِ، أو علَّقَ الكفالةَ بشرطٍ ملائمٍ، نحو: ما بايعت فلاناً، أو ما ذاب لك عليه، أو ما غصبَك فعلي، وإن علَّقت بمجرَّدِ الشَّرطِ فلا: كإن هَبَّتِ الرِّيحُ، أو جاءَ المطر. فإن كفلَ بما لك عليه ضَمِنَ قَدْرَ ما قامتْ به بيِّنةٌ، وبلا بيّنةٍ صُدِّقَ الكفيلُ

بالأداء أو الإبراءِ، وهو احترازٌ عن بدلِ الكتابةِ، فإنَّه دينٌ غيرُ صحيحٍ، إذ المولى لا يستوجبُ على عبدِهِ ديناً، وهو يسقطُ بالعجز، (نحو: كفلتُ بما لَكَ عليه)، تصحُّ هذه الكفالةُ وإن كان المالُ المكفولُ به مجهولاً.

(أو بما يدركك في هذا البيعِ)، هذا الضمانُ يسمَّى ضمانَ الدَّرَكِ، وهو ضمانُ الاستحقاقِ، أي يضمنُ للمشتري برد الثَّمنِ إذا استحقَّ المبيعُ مستحقٌّ.

(أو علَّقَ الكفالةَ بشرطٍ ملائمٍ، نحو: ما بايعت فلاناً (١)، أو ما ذاب لك عليه، أو ما غصبَك فعلي): ما ذابَ: أي ما وَجَبَ، ففي هذه الصُّورة: ما؛ شرطيّةٌ معناهُ إن بايعتَ فلاناً، فيكون في معنى التَّعليق، وعنى بالملائمِ (٢): المناسبِ، فإنَّ هذه الأشياءَ أسبابٌ لوجوبِ المال، فيناسبُ ضمَّ الذَّمةِ إلى الذَّمة.

فقولُهُ: ما بايعت فلاناً: أي ما بايعتُ منه، فإنِّي ضامنٌ بثمنِهِ لا ما اشتريتُ منه، فإنِّي ضامنٌ للمبيع، فإن الكفالةَ بالمبيعِ لا يجوزُ على ما يأتي (٣).

(وإن علَّقت بمجرَّدِ الشَّرطِ فلا (٤): كإن هَبَّتِ الرِّيحُ، أو جاءَ المطر.

فإن كفلَ بما لك عليه ضَمِنَ قَدْرَ ما قامتْ به بيِّنةٌ (٥)، وبلا بيّنةٍ صُدِّقَ الكفيلُ


(١) قيَّد: بفلان؛ إشارة إلى أن المكفول عنه يجب أن يكون معلوماً؛ لأن جهالته تمنع صحة الكفالة. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٤٩٩).
(٢) فسَّروا الملائم: بما يكون شرطاً لوجوب الحق: كإن استحق المبيع، أو شرطاً لامكان الاستيفاء: كإن قدم زيد، وهو المكفول عنه، أو شرطاً لتعذر الاستيفاء: كإن غاب زيد عن البلد، وهو المكفول عنه. ينظر: «الملتقى» (ص ١٢٤).
(٣) ٣: ٩٣).
(٤) أي فلا تصح الكفالة ولا يجب المال، أما لو جعل الأجل في الكفالة إلى هبوب الريح ونحوه فلا يصح التأجيل وتصح الكفالة ويجب المال حالاً. ينظر: «المبسوط» (١٩: ٧٤)، و «فتاوى قاضي خان» (٣: ٥٢ - ٥٣)، و «الفتح» (٦: ٣٠٢)، و «التبيين» (٤: ١٥٤)، و «الرمز» (٢: ٧٢)، و «المنح» (ق ٢: ٨١/ب).
(٥) فإن الثابت بالبرهان كالثابت بالعيان. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٣٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>