فقال بعضُهم: لا تجوز الكفالة، ومنهم صدر الإسلام البَزْدَوِيّ - رضي الله عنه -؛ لأنها ضمُّ ذمّة إلى ذمّة في المطالبة أو الدين، وهاهنا لا مطالبة ولا دين شرعيان على الأصيل فلم يتحقَّق معناها.
وقال بعضُهم: تجوز؛ منهم فخرُ الإسلام البَزْدَوِى - رضي الله عنه - أخو صدر الإسلام - رضي الله عنه - المتقدِّم؛ لأنها في المطالبة مثل سائر الديون، بل فوقَها، والعبرةُ للمطالبة؛ لأنها شُرِعَت لالتزامهما، والمطالبة الحسيّة كالمطالبةِ الشرعيّة؛ ولذا قلنا مَن قام بتوزيع هذه النوائب على المسلمين بالقسط: أى العدل يؤجَّرُ وإن كان الآخذُ بالأخذِ ظالم. وقلنا: مَن قضى نائبةَ غيرِه بأمرِه رجعَ عليه، وإن لم يشترط الرجوع وهو الصحيح. كما في «الخانية» (٣: ٦٢) كمَن قضى دين غيره بأمره، وفي «العناية» (٦: ٣٣٢): قال شمسُ الأئمة - رضي الله عنه -: هذا إذا أمره به لا عن إكراه أما إذا كان مكرهاً في الأمر فلا يعتبرُ أمرُهُ بالرجوع. (٢) قال في «البحر» (٦: ٢٦٠ - ٢٦١): ظاهر كلامهم ترجيحُ الصحّة في كفالةِ النوائب بغيرِ حقٍّ؛ ولذا قال في «ايضاح الإصلاح» (ق ١٠٦/أ): والفتوى على الصحّة، وفي «الخانية» (٣: ٦٢): الصحيح الصحة ويرجع على المكفول عنه إن كان بأمره. انتهى. وعليه مشى في «الاختيار» (٢: ٤٤٣)، و «المختار» (٢: ٤٤٣) و «الملتقى» (ص ١٢٦)، نعم صحَّح صاحبُ «الخانية» في شرحه على «الجامع الصغير» عدم الصحّة، وكذلك أفتى في «الخيرية» بعدم الصحّة مستنداً لما في «البزازية» (٦: ١٤)، و «الخلاصة» من أنه قول عامة المشايخ، ولِمَا في «العمادية» من أن الأسير لو قال لغيره خلِّصني فدفع المأمور مالاً وخلَّصَه قال السَّرَخْسِيُّ يرجعُ، وقال صاحب «المحيط»: لا؛ وهو الأصح وعليه الفتوى. اهـ. وقال ابن عابدين في «رد المحتار» (٥: ٣٣١): غاية الأمر أنهما قولان مصححان ومشى على الصحة بعضُ المتون وهو ظاهر إطلاق «الكَنْز» (ص ١١٢) وغيره لفظ النوائب فكان أرجح. (٣) الأكَّار: الفلاَّح. وأَكَرْت الأرضَ: حرثتها. ينظر: «المصباح» (ص ٤٨١).