للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو فسختِ المفاوضةُ أخذَ ربُّ الدَّينِ أيّاً شاءَ من شريكيها بكلِّ دينِهِ، ولم يرجعْ أحدُهما على صاحبِهِ إلاَّ بما أدَّى زائداً على النِّصفِ

(ولو فسختِ المفاوضةُ أخذَ ربُّ الدَّينِ أيّاً شاءَ من شريكيها بكلِّ دينِهِ)؛ لما عُرِفَ أن شركةَ المفاوضةِ يتضمّنُ الكفالةَ، (ولم يرجعْ أحدُهما على صاحبِهِ إلاَّ بما أدَّى زائداً على النِّصفِ)؛ لِمَا عرفتَ أن جهةَ الأصالةِ راجحةٌ على جهةِ الكفالة.

أقولُ (١)

: في هذه المسألةِ إشكالٌ وهو أن أحدَ المفاوضينَ إذ اشترى شيئاً، ثمَّ فسخا المفاوضةَ، فالبائعُ إن طَلَبَ الثَّمنَ من مشتريِه، فلا تعلُّقَ لهذه المسألةِ بمسألةِ الكفالة، بل المشتري في النِّصفِ أصيلٌ، وفي النِّصف … (٢) وكيل، فكلُّ ما أدَّى ينبغي أن يرجعَ بنصفِهِ على الشَّريكِ؛ لأنَّه اشترى العبدَ صفقةً واحدةً، فصارَ الثَّمنُ ديناً عليه، ولا يُمْكِنُ قسمتُهُ، فكلُّ ما يؤدِّيه الأصيلُ، يؤدِّيه منه ومن شريكِه، فيرجعُ عليه بالنِّصف.

وإن طَلَبَ البائعُ الثَّمنَ من شريكِهِ يكونُ ذلك بسببِ أن المفاوضةَ تضمَّنَتِ الكفالة، فيكون كفيلاً في الكلِّ إلا أن كفالتَهُ في النِّصفِ الذي هو ملكُ العاقدِ تمحَّضَتْ كفالةً، وفي النصفِ الذي هو ملكُهُ أصيلٌ من وجهٍ وكفيلٌ من وجهٍ، فبالنَّظرِ إلى أن حقوقَ العقدِ راجعةٌ إلى الوكيل، يكونُ الشَّريكُ كفيلاً للثَّمن، فمطالبةُ الثَّمنِ يَتَوجَّه إليه بحكمِ الكفالة، وبالنَّظرِ إلى أن المِلكَ في هذا النَّصفِ وَقَعَ له، فيكونُ في أداءِ نصفِ الثَّمنِ


(١) هنا كلام من وجوه:
الأول: أنه يجوزُ أن يشتريا معاً صفقةً واحدةً وحينئذٍ لا إشكال كما لا يخفي على المتدبِّر، فليحمل مسألة المتن على هذه الصورة.
الثاني: أنه يلزمُ قسمة الدين قبل القبض في الصورة الثانية؛ لأن غيرَ العاقد كَفِلَ جميعَ الدين الذي على العاقد، فعندما أدَّى يكون المؤدَّى على العاقد، وهو مشتركٌ بين الشريكين على مقتضى تقديره، كما لا يخفي.
الثالث: إن الدين الذي على العاقدِ إمّا أن يكون مشتركاً أو خاصّة له، فعلى الثاني لا يصحّ قوله: فكلُّ ما يؤدِّى يؤدِّيه منه ومن شريكه، وعلى الأَوَّل: لا يصحُّ اعتبار الكفالة؛ لأنها إمّا أن يصحّ مع الشركة، فليزم أن يكون كفيلاً عن نفسه، وإمّا مع القسمة فيلزم قسمة الدين قبل القبض. فليتأمل. ينظر: «حاشية يعقوب باشا» (ق ١١٦/أ).
(٢) في م زيادة: الآخر.

<<  <  ج: ص:  >  >>