للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والأَوْلَى ولا يطلبُ القضاء، وصحُّ الدخولُ فيه لمن يَثِقُ عدلَهُ، وكُرِهَ لمن خافَ عجزه وحيفه. ومن قُلِّدَ سألَ ديوانَ قاضٍ قَبْلَهُ، وألزمَ محبوساً أقرَّ بحقٍّ لا مَن أنكرَ إلا ببيِّنةٍ وإن أخبرَ به المعزولُ، وإلا ينادي عليه، ثُمَّ يخلِّيه

والأَوْلَى) وعند الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - لا يصحُّ تقليدُ الفاسقِ والجاهل. واعلم أنَّه قد كان الاحتياطُ فيما قال الشَّافِعِيُّ - رضي الله عنه - لكن بحسب الزَّمانِ، لو شُرِطَ العلمُ والعدالةُ لارتفعَ أمرُ القضاءِ بالكليَّةِ، ووقعُ الشَّرِّ والفسادِ أعظمُ ممَّا احترزَ عنه.

(ولا يطلبُ القضاء (٢)، وصحُّ الدخولُ فيه لمن يَثِقُ عدلَهُ، وكُرِهَ لمن خافَ عجزه وحيفه.

ومن قُلِّدَ سألَ ديوانَ قاضٍ قَبْلَهُ): وهي الخرائطُ التي فيها الصُّكوكُ، والسِّجلاتُ (٣)، (وألزمَ محبوساً أقرَّ بحقٍّ لا مَن أنكرَ إلا ببيِّنةٍ وإن أخبرَ به المعزولُ) (٤)؛ لأنَّه بالعزلِ التحقَ بواحدٍ من الرَّعايا، وشهادةُ الواحدِ لا تقبل، (وإلا ينادي عليه، ثُمَّ يخلِّيه): أي إن لم يقمْ البيِّنةَ على المحبوسِ المنكرِ يُنادى: إن كلَّ مَن له حقٌّ على فلانٍ ابن فلانٍ المحبوسِ فليحضرْ مجلسَ القاضي، فإن لم يحضرْ أحدٌ يخلِّيه، (وأخذ منه كفيلاً بنفسه فلعلَّه محبوسٌ بحقِّ غائبٍ) (٥).


(١) ينظر: «التنبيه» (ص ١٥٢)، و «المنهاج» (٤: ٣٧٥)، و «فتوحات الوهاب» (٥: ٣٣٧)، و «التجريد لنفع العبيد» (٤: ٣٤٥)، وغيرها.
(٢) أي مَن صلح للقضاء ينبغي أن لا يطلب بقلبه ولا يسأله بلسانه، وأمّا إذا تعيَّن بأن لم يكنْ أحدٌ غيرُهُ يصلحُ للقضاء وجبَ عليه الطلبُ صيانةً لحقوق المسلمين ودفعاً لظلمِ الظالمين. ينظر: «البحر» (٦: ٢٩٧)، و «مجمع النهر» (٢: ١٥٥).
(٣) المحضرَ والسجل: ما كُتِبَ فيه ما جرى بين الخصمين من إقرار أو إنكار، والحكم ببيّنةٍ أو نكولٍ على وجهٍ يرفع الاشتباه. والصكُّ: ما كُتِبَ فيه البيع والرهن، والإقرار وغيرها، والحجّة والوثيقة يتناولان الثلاثة. ينظر: «الدرر» (٢: ٤١٥).
(٤) يعني نظر القاضي الجديد في حال المحبوسين الذين هم في سجنه؛ فيبعثُ ثقةً يحصيهم في السجن، ويكتب أسماءهم وأخبارَهم وسبب حبسهم، ومَن حبسهم، فمَن أقرَّ بحقٍّ أو قامت عليه بالحقِّ بيِّنة ألزمَه القاضي، ومَن أنكر ذلك الحقَّ الذي حبس به، وإن أخبر به القاضي المعزول، وقال: حبستُه بحقٍّ عليه، أو قال: كنت حكمتُ عليه لفلان بكذا إلاَّ إذا قامت البيِّنة على ذلك الحقّ. ينظر: «الزبدة» (٣: ١٢٠).
(٥) زيادة من م.

<<  <  ج: ص:  >  >>