للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومَن أقام بيِّنةَ على شراءٍ، وأرادَ الرَّدَّ بعيبٍ رُدَّتْ بيِّنةُ بائعِهِ على براءتِهِ من كلِّ عيبٍ بعد إنكارِ بيعه، وذكرُ إن شاء الله تعالى في آخر صكٍّ يبطل كلَّهُ، وعندهما آخرَهُ وهو استحسانٌ

ثم اعلم أنّ هذا (١) التَّناقضَ إنِّما يمنعُ صحَّةَ الدَّعوى إذا كان الكلامُ الأَوَّلُ قد أُثْبِتَ لشخصٍ معيَّنٍ حقَّاً حتَّى إذا لم يكنْ كذلك لا يَمْنَعُ صحَّةَ الدَّعوى كما إذا قال لا حقَّ لي على أحدٍ من أهلِ سَمَرْقَنْدِ، ثم ادَّعى شيئاً على واحدٍ من أهلِ سَمَرْقَنْدَ يصحُّ دعواهُ.

(ومَن أقام بيِّنةَ على شراءٍ، وأرادَ الرَّدَّ بعيبٍ رُدَّتْ بيِّنةُ بائعِهِ على براءتِهِ من كلِّ عيبٍ بعد إنكارِ بيعه)، ادَّعى رجلٌ على آخرَ: أنِّي اشتريتُ منك هذا العبدَ بألف، وسلمتُ إليك الألف، فَظَهَرَ فيه عيبٌ فأردُّه بالعيب، فعليك أن تَرُدَّ الثَّمنَ إليَّ، فأنكرَ الخصمُ البيعَ فأقامَ المدَّعي بيِّنةً على البيعِ، فادَّعى الخصمُ براءةَ المدَّعَي من كلِّ عيب، وأقامَ بيِّنةً على ذلك، لا تُسْمَعُ لتناقض، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه -: تُسْمَعُ قياساً على المسألةِ المذكورةِ: وهي ما كان لك عليّ شيءٌ قطّ، والفرقُ لأبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، ومحمَّدٍ - رضي الله عنه -: أن في مسألةِ الدَّينِ: إن الدَّينَ قد يُقْضَى وإن كان باطلاً وهاهنا دعوى البراءة من العيبِ تستدعي قيامَ البيع، وقد أنكرَه.

(وذكرُ إن شاء الله تعالى في آخر صكٍّ يبطل كلَّهُ، وعندهما آخرَهُ وهو استحسانٌ) (٢): أي إذا كتبَ صكَّ إقرار، ثمَّ كتبَ في آخره كلُّ مَن أخرجَ هذا الصَّكَّ، وطلبَ (ما فيه) (٣) من الحقِّ، ادفعْ إليه إن شاءَ الله تعالى.

فقولُهُ: إن شاء الله تعالى يَنْصَرِفُ إلى الكلِّ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - حتَّى يَبْطُلَ جميعُ الصَّكّ، وهو القياس، كما في قوله: عبدُهُ حُرٌّ وامرأتُهُ طالقٌ إن شاء الله تعالى، وعندهما


(١) زيادة من م.
(٢) حاصله: أطلق المسألة فشملَت ما إذا اشتمل على شيءٍ واحدٍ أو أشياء، وفي الثاني: الاختلاف، قال الإمام: إذا كُتِبَ بيعٌ وإقرارٌ وإجارةٌ أو غير ذلك، ثم كتبَ في آخره إن شاءَ الله تعالى بطلَ الكلُّ قياساً؛ لأنَّ الكلَّ كشيءٍ واحدٍ بحكم العطف، ويبطلُ الآخر عندهما فقط استحساناً؛ لانصرافِ الاستثناء إلى ما يليه؛ لأنَّ الصكَّ للاستيثاق، وكذا الأصلُ في الكلامِ الاستيثاق، وأشارَ إلى أنَّ الكتابة كالنطقِ فلا بُدَّ فيهما من اتِّصال المشيئةِ فلو ترك فُرْجةً، فالاستثناء ينصرفُ إلى ما يليه اتِّفاقاً، كالسكوت. ينظر: «البحر» (٧: ٤٣):
(٣) زيادة من أ و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>