للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعقارٌ أقامَ زيدٌ حجَّةً أنَّه له ولأخيهِ إرثاً من أبيهما قَضَى له بنصفِه، وتركَ باقيه مع ذي اليدِ بلا تكفيلِه جَحَدَ دعواهُ أو لا، والمنقولُ مثلُهُ، وقيل: يؤخذُ هو منه بالاتفاق، ووصّيتُهُ بثُلُثِ مالِهِ على كلِّ شيءٍ، ومالي أو ما أملك صدقةٌ على مالِ الزَّكاةِ

الشُّهودُ للغرماءِ أو الورثة، ولم يقولوا: لا نعلمُ للميِّتِ غريماً أو وارثاً آخر، قُسِّمَتْ التَّركةُ بينهم، ولا يؤخذُ منهم كفيلٌ، وقد احتاطَ بعضُ القضاة، فأخذوا منهم كفيلاً، وهذا الاحتياطُ ظلم؛ لأنَّه ثبتَ حقُّهم، ولم يُعْلَمْ حقٌّ لغيرِهم؛ ولأنَّه لم يوجدْ المكفولُ له، وهذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: يأخذُ القاضي كفيلاً منهم.

(وعقارٌ أقامَ زيدٌ حجَّةً (١) أنَّه له ولأخيهِ إرثاً من أبيهما قَضَى له بنصفِه، وتركَ باقيه مع ذي اليدِ بلا تكفيلِه جَحَدَ دعواهُ أو لا)، هذا عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -؛ لأنَّ ذا اليدِ قد اختارَهُ الميْتُ، فلا يقصرُ يدَهُ عمَّا ليس مدَّعيه حاضراً، وعندهما إن جحدَ ذو اليدِ لا يتركُ الباقي في يدِه؛ لأنَّ الجاحدَ خائنٌ فيؤخذُ منه، ويُجْعَلُ في يدِ أمين، وإن لم يَجْحَدْ تركَ القاضي (٢) في يدِهِ للابن الغائب، وإذا تُرِكَ في يدِهِ لا يؤخذُ منه كفيل.

(والمنقولُ مثلُهُ، وقيل: يؤخذُ هو منه بالاتفاق): أي إذا كانت المسألةُ في المنقول:

قيل: هو على هذا الخلافِ، فإنَّهُ إذا تَرَكَ الباقي في يدِه إذا لم يَجْحَدْ، ففي صورةِ الجحودِ أَوْلَى؛ لأنَّهُ مضمونٌ في يدِه، ولو وُضِعَ في يدِ آخرَ كان أمانةً، فالأَوَّلُ أَوْلَى.

وقيل: يؤخذُ منه عند الجحودِ اتِّفاقاً.

(ووصّيتُهُ بثُلُثِ مالِهِ على كلِّ شيءٍ، ومالي أو ما أملك صدقةٌ على مالِ الزَّكاةِ)، هذا عندنا، وعند زفرَ - رضي الله عنه - يَقَعُ على كلِّ شيءٍ (كما في الوصية) (٣) قضية لإطلاقِ اللفظ، ونحن اعتبرنا إيجابَ العبدِ بإيجابِ الله تعالى.


(١) هذا التعميم غيرُ صحيح بعد قوله: أقامَ زيدٌ حجَّةً أنّه له ولأخيه؛ لأنَّ إقامةَ الحجَّةِ يستلزمُ سبقَ الجحود، وأيضاً أجمعوا على أنّه لا يؤخذُ كفيلٌ في صورةِ الإقرارِ أيضاً، فالصوابُ أن يبدل قوله: أقامَ زيدٌ حجَّةً أنّه له ولأخيه بقوله: يثبت أنّه له ولأخيه، فيشمل الثبوتَ بالإقرار، ولا كفيل فيه اتّفاقاً، وبالبيِّنة، وفيه الخلاف، ويسقطُ قولَه: جحد دعواه أو لا؛ ينظر: «الزبدة» (٣: ١٤٣)؛ ولذلك لم يستعلمه صاحب «الدرر» (٢: ٤١٨)، و «الملتقى» (ص ١٣٢)، وغيرها.
(٢) زيادة من أ.
(٣) زيادة من ب و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>