للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذِّميُّ على مثلِه وإن خالفا ملَّة، وعلى المستأمن، والمستأمنُ على مثلِه إن كانا من دارٍ واحدة، وعدوٍ بسببِ الدَّين، ومَن اجتنبَ الكبائر، ولم يُصِرَّ على الصَّغائر، وغَلَبَ صوابُه

والخوارج، والمعطِّلة (١)، والمُشَبِّهة، وكلٌّ منهم اثنا عشرَ فرقة، فصاروا اثنين وسبعين (٢).

والبعضُ فرَّقوا بين الهوى الذي هو كُفْرٌ كالقولِ: بأنَّه تعالى جسم، والهوى الذي ليس بكفر، وعند الشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه - لا تقبل شهادتُهم لفسقِهم. قلنا: لا يقع في الاعتقاد الباطلِ إلا ديانة، والكذبُ عند الجميعِ حرام. وأمَّا الخطابيّة: فهم من غلاةِ الرَّوافضِ يعتقدونَ الشَّهادةَ لكلِّ مَن حلف عندهم. وقيل: يرونَ الشَّهادة لشيعتِهم واجبة.

(والذِّميُّ على مثلِه وإن خالفا ملَّة، وعلى المستأمن، والمستأمنُ على مثلِه إن كانا من دارٍ واحدة)، شهادةُ الذِّمي تقبلُ عندنا، وعند مالك (٤) - رضي الله عنه - والشافعي (٥) - رضي الله عنه - لا تقبلُ، ثُمَّ عندنا إنِّما تُقبل على الذِّميّ والمستأمن، وإن خالفا ملَّةً كالنَّصارى والمجوس، فإن الكفرَ كلُّه ملَّةٌ واحدةً، ولا تقبلُ على المسلم، وشهادةُ المستأمنِ تقبلُ على المستأمنِ إن كانا من دارٍ واحدة، وإن كانا من دارينِ كالتُّركِ والرُّوم، فلا تقبل، ولا تقبلُ أيضاً على المسلمِ، ولا أيضاً على الذَّميّ.

(وعدوٍ (٦) بسببِ الدَّين، ومَن اجتنبَ الكبائر، ولم يُصِرَّ على الصَّغائر، وغَلَبَ صوابُه)، اختلفوا في تفسيرِ الكبائر: قيل: هي سبع:


(١) المعطلة: عدّهم الملطي من فرق الزنادقة، وقال: هم الذين يزعمون أن الأشياء كائنة من غير تكوين، وأنه ليس لهامكون ولا مدبّر، وأن هذا الخلق بمنْزلة النبات في الفيافي والقفاري يموت سنة شيء، ويحيى سنة شيء، وينبت شيء. ينظر: «التنبيه» (ص ٩١ - ٩٢).
(٢) لحديث: «ستفترقُ أمَّتي على ثلاثةٍ وسبعينَ فرقة، كلُّها في النار، إلاَّ ما كان على ما أنا عليه وأصحابي» «سنن الترمذي» (٥: ٢٦)، وقال: حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، و «مستدرك الحاكم» (١: ٢١٨)، و «المعجم الكبير» (١٧: ١٣).
(٣) في كتب الشافعية: تقبل شهادة أهل الأهواء إلا الخطابية. ينظر: «أسنى المطالب» (٣: ٣٥٣)، و «نهاية المحتاج» (٨: ٣٠٥)، و «تحفة الحبيب» (٤: ٤٣١)، وغيره.
(٤) ينظر: «المنتقى» (٥: ١٩٢).
(٥) ينظر: «الأم» (٧: ١٣٤).
(٦) العدوّ: مَن يفرح لحزنك ويحزن لفرحك، فإن العداوة الدينية تدل على قوة دينه وعدالته بخلاف العداوة الدنيوية فإنها حرام، فمن ارتكبها لا يؤمن من التقوّل عليه. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٣٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>