للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو شَهِدَ بشراءِ عبد، أو كتابتِهِ بألف، والآخرُ بألف ومئة ردُّتْ شهادتُهما، وكذا عتقٌ بمال، وصلحٌ عن قَوَد، ورهن، وخلعٌ، إن ادَّعى العبد، والقاتل، والرَّاهن، والعرس، وإن ادَّعى الآخر، فهو كدعوى الدَّين في وجوهها

(ولو شَهِدَ بشراءِ عبد، أو كتابتِهِ بألف، والآخرُ بألف ومئة ردُّتْ شهادتُهما) (١)، سواءٌ ادَّعى البائعُ أو المشتري؛ لأنَّ العقدَ يختلفُ باختلافِ الثَّمن، فيكونُ على كلِّ واحدٍ شهادةُ فردٍ فلا تُقْبَل، (وكذا عتقٌ بمال، وصلحٌ عن قَوَد، ورهن، وخلعٌ، إن ادَّعى العبد، والقاتل، والرَّاهن، والعرس)، فيه لفٌ ونشرٌ، فدعوى العبد يرجعُ إلى العتقِ بمالٍ، وهكذا على التَّرتيب، لأنَّ المقصودَ هنا هذا العقدُ وهو مختلفٌ.

(وإن ادَّعى الآخر): أي المولى في العتقِ على المال، وولي المقتولِ في الصَّلح عن القَوَد، والمُرْتَهِنُ في الرَّهْن، والزَّوج في الخلع، (فهو كدعوى الدَّين في وجوهها): أي إن كان الشَّاهدان مختلفينِ لفظاً لا تقبل عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وإن كانا متفقينِ معنىً، فإن ادَّعى المدَّعي الأقلَّ لا تُقْبَلُ شهادةُ الشَّاهدِ بالأكثر، وإن ادَّعى الأكثرَ تقبلُ على الأقلِّ.

ولقائل أن يقول: ليس هذا كدعوى الدَّين؛ لأنَّ الدَّينَ يثبت بإقرارِ المديون، فيمكن أن يُقِرَّ عند أحدِ الشَّاهدين بألف، وعند الآخرِ بأكثر، ويمكنُ أيضاً أن يكونَ أصلُ الحقِّ هو الأكثرَ لكنَّه قَضَى الزَّائدَ على الألف، أو أبرأ عنه عند أحد الشاهدينِ دون الآخرِ، فالتَّوفيقُ بينهما ممكنٌ، أمَّا هاهنا فالمالُ يثبتُ بتبعيّةِ العقدِ، والعقدُ بالألفِ غيرُ العقدِ بالأكثر، فبقي على كلِّ واحدٍ شهادةُ فرد، فلا تقبل كما في الطَّرفِ الآخر (٢).


(١) أي إذا زيد اشترى عبداً من عمرو بألف وخمسمئة دراهم، وأنكرَ أحدُهما، فشهدَ أحدُ الشاهدين أنَّ زيداً اشترى ذلك العبدَ من عمرو بألف، وشهدَ الآخر أنه اشترى بألفٍ وخمسمئة، فلا تقبلُ شهادتُهما؛ لأنَّ المقصودَ من دعوى البيع قبل التسليم هو إثباتُ السبب، وهو العقد، والظاهرُ أنَّ البيعَ بألفٍ غيرُ البيع بألفٍ وخمسمئة، فاختلفَ المشهود به باختلافِ الثمن، فلم يتمَّ النصابُ على واحدٍ منهما. ينظر: «التبيين» (٤: ٢٣٥).
(٢) والجواب عن اعتراض الشارح - رضي الله عنه -: بأن المال في الصور الأربع وإن كان ثابتاً بالعقد حين العقد وتابعاً له لكن الأمر صار بالعكس حين الدعوى؛ لأن صاحب الحق اعترف بالعقد والعتق والطلاق؛ أي كان المال متبوعاً والعقد تابعاً عند الدعوى يعني المال مقصود تبعاً للقصد حين العقد ومقصود أصالة حين الدعوى، فالعقد مقصود تبعاً للمال. ينظر: «درر الحكام» (٢: ٢٨٦)، و «الشرنبلالية» (٢: ٣٨٦)، و «حاشية الخادمي» (ص ٤٣٤)، وغيرهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>