للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصلحٍ عن إقرارٍ يتعلَّق به فيسلِّمُ المبيعَ ويقبضَهُ وثمنَ مبيعِه. ويطالبُ بثمنِ مشريّه، ويخاصمُ في عيبِه، وشفعةِ ما باع، وهو في يدِه، فإن سلَّمَهُ إلى آمرِهِ فلا يُرَدُّ بالعيبِ، إلاَّ بإذنِه، ويرجعُ بثمنِ مشريهِ مستحقَّاً، ويثبتُ الملكُ للموكِّلِ ابتداءً، فلا يُعْتَقُ قريبُ وكيلٍ شراه

وصلحٍ عن إقرارٍ يتعلَّق به فيسلِّمُ المبيعَ): أي في الوكالةِ بالبيعِ، (ويقبضَهُ): أي في الوكالةِ بالشَّراء، (وثمنَ مبيعِه. ويطالبُ بثمنِ مشريّه، ويخاصمُ في عيبِه، وشفعةِ ما باع، وهو في يدِه، فإن سلَّمَهُ إلى آمرِهِ فلا يُرَدُّ بالعيبِ، إلاَّ بإذنِه، ويرجعُ بثمنِ مشريهِ مستحقَّاً): هذا كلُّهُ عندنا، وعند الشَّافِعِيِّ (١) - رضي الله عنه - يرجعُ الحقوقُ إلى الموكِّل، لكن يَجِبُ أن يعلمَ أن الحقوقَ نوعان:

حقٌّ يكونُ للوكيل.

وحقٌّ يكونُ على الوكيلِ.

فالأَوَّلُ: كقبضِ المبيع، والمطالبةِ بثمنِ المشتري، والمخاصمةِ في العيب، والرُّجوعِ بثمنِ المستحقّ، ففي هذا النَّوعِ للوكيلِ ولايةُ هذه الأمورِ، لكن لا يَجِبُ عليه، فإن امتنعَ لا يُجْبِرُهُ الموكِّلُ على هذه الأفعال؛ لأنَّه متبرِّعٌ في العمل، بل يوكِّلُ الموكِّلُ لهذه الأفعال، وسيأتي في «كتاب المضاربة» (٢) بعض هذا، وهو قولُهُ: وكذا سائرُ الوكلاء. وإن ماتَ الوكيلُ فولايةُ هذه الأفعالِ لورثتِه، فإن امتنعوا، وَكَّلُوا موكِّلَ مورِّثِهم، وعند الشَّافِعِيِّ - رضي الله عنه - للموكِّل ولايةُ هذه الأفعالَ بلا توكيل من الوكيل، أو وارثِه.

وفي النَّوعِ الآخرِ: الوكيلُ مدَّعىً عليه، فللمدَّعي أن يُجْبِرَ الوكيلَ على تسليمِ المبيع، وتسليمِ الثَّمن وأخواتِهما.

(ويثبتُ الملكُ للموكِّلِ ابتداءً، فلا يُعْتَقُ قريبُ وكيلٍ شراه): أي إذا اشترى الوكيل، فالأصحُّ (٣) أن يثبتَ الملكُ للموكِّلِ ابتداءً، وعند بعضِ المشايخِ - رضي الله عنه - يَثْبُتُ الملكُ


(١) ينظر: «التنبيه» (ص ٧٦).
(٢) ٣: ٢٥٠).
(٣) أي قول أبي طاهرٍ الدَّباس- رضي الله عنه - إذ قال: يثبتُ الملك ابتداءً للموكِّل، لأنَّ المشتري إذا كان منكوحةَ الوكيل أو قريبه لا يفسدُ النكاح، ولا يعتقُ عليه، ولو ملك المشتري فلا بدَّ من أن يعتقَ عليه، ويفسد النكاح، ولم يقل به أحد، وقال الكَرْخيّ - رضي الله عنه -: يثبتُ الملكُ للوكيلِ لتحقُّقِ السببِ من جهته، ثم ينتقل إلى الموكِّل بسبب عقدٍ يجري بينهما، وإن لم يكن ملفوظاً بل مقتضى التوكيل السابق، وهاهنا مسلكٌ آخر، وهو ما قال أبو زيدٍ - رضي الله عنه - من أنَّ الوكيلَ نائبٌ في حقِّ الحكم، أصيلٌ في الحقوق، فوافقَ الكرخيّ - رضي الله عنه - في الحقوق، وأبا طاهر في الحكم، ينظر: «الزبدة» (٣: ١٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>