للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المدَّعي البيِّنة فأقامَ قضى عليه، وإن لم يقمْ حلَّفَهُ إن طلبَهُ خصمُهُ فإن نَكَلَ مرَّةً، أو سكتَ بلا آفة، وقضى بالنُّكولِ صحّ، وعرضَ اليمينَ ثلاثاً، ثمَّ القضاءُ أحوط. ولا يردُّ اليمينُ على مدَّعٍ وإن نكلَ خصمُه، ولا يحلفُ في نكاحٍ ورجعةٍ وفيء في إيلاءٍ واستيلادٍ ورقٍّ ونسبٍ وولاءٍ

المدَّعي البيِّنة فأقامَ قضى عليه، وإن لم يقمْ حلَّفَهُ إن طلبَهُ خصمُهُ فإن نَكَلَ (١) مرَّةً): أي قال: لا أحلف، (أو سكتَ بلا آفة، وقضى بالنُّكولِ صحّ، وعرضَ اليمينَ ثلاثاً، ثمَّ القضاءُ أحوط (٢).

ولا يردُّ اليمينُ على مدَّعٍ وإن نكلَ خصمُه)، فيه خلافُ الشَّافعيِّ (٣) - رضي الله عنه - فإنَّ عندهُ إذا نكلَ الخصمُ يُرَدُّ اليمينُ على المدَّعي، هذا بدعة، وأوَّلُ مَن قضى به عندنا معاويةُ (٤) - رضي الله عنه -، وهو مخالفٌ للحديثِ المشهور (٥).

(ولا يحلفُ في نكاحٍ (٦) ورجعةٍ وفيء في إيلاءٍ واستيلادٍ ورقٍّ ونسبٍ وولاءٍ)، اعلم أنَّ في هذه الصُّورِ لا يستحلفُ عندَ أبي حنيفةَ - رضي الله عنه -، وعندهما: يستحلف، وصورتُها:


(١) نَكَلَ عن اليمين: امتنعَ منها. ينظر: «المصباح» (ص ٦٢٥).
(٢) وعن أبي يوسفَ - رضي الله عنه - ومحمَّدٍ - رضي الله عنه - إنَّ التكرارَ حَتْمٌ حتى لو قضى القاضي بالنكولِ مرَّة لا ينفذ، والصحيحُ أنّه ينفذ، والعرضُ ثلاثاً مستحبّ. ينظر: «التبيين» (٤: ٢٩٦).
(٣) ينظر: «أسنى المطالب» (٤: ١٠٤)، و «فتوحات الوهاب» (٥: ٣٩٣)، و «حاشية البجيرمي» (٤: ٤٠٣).
(٤) وهو معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف، القرشي الأموي، أبو عبد الرحمن، وأمُّه هند بن عتبة، وهو وأبوه من مسلمةِ الفتح، وقيل: إنه أسلم زمن الحُدَيبية، ولاَّه عمر - رضي الله عنه - الشام بعد أخيه يزيد بن ابي سفيان، ثم أقرَّه عثمان، وولي الخلافة عشرين سنة، دعا له رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - حيث قال: «اللهمَّ عَلِّم معاويةَ الحسابَ والكتاب، وقهِ العذاب» كما في «صحيح ابن خزيمة» (٣: ٢١٤)، و «صحيح ابن حبان» (١٦: ١٩٢)، و «التاريخ الكبير» (٧: ٣٢٦)، توفِّي عن ثمان وسبعين سنة بدمشق، سنة (٦٠ هـ). ينظر: «تهذيب الكمال» (٢٨: ١٧٦ - ١٧٩)، و «العبر» (١: ٦٤)، و «التقريب» (ص ٤٧٠).
(٥) وهو حديث: «البيِّنةُ على المدَّعي واليمين على من أنكر»، وقد سبق تخريجه.
(٦) أي ولا تحليفَ في نكاحٍ مجرَّدٍ عن المالِ عند الإمامِ - رضي الله عنه - بأن ادّعى رجلٌ على امرأةٍ أو هي عليه نكاحاً، والآخرُ ينكر، أمّا إذا ادَّعتِ المرأةُ تزوُّجَها على كذا، وادَّعتِ النفقة، وأنكرَ الزوجُ يستحلفُ اتّفاقاً. ينظر: «حاشية الطحطاوي على الدر المختار» (٣: ٢٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>