للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

....................................................................................................................

ادَّعى الرَّجلُ النِّكاح، وأنكرتْ المرأةُ أو بالعكس، أو ادَّعى الرَّجلُ بعدَ الطَّلاقِ وانقضاء العدَّةَ الرَّجعةُ في العدَّة، وأنكرتْ المرأةُ أو بالعكس، أو ادَّعى الرَّجلُ بعدَ انقضاءِ مُدَّةِ الإيلاءِ الفيءَ في المدَّة، وأنكرتْ المرأةُ أو بالعكس، وادَّعى الرَّجلُ على مجهولِ النَّسبِ أنَّهُ عبدُهُ أو ابنُه، وأنكرَ المجهولُ أو بالعكس. واختصما في ولاءِ العتاق، أو ولاءِ الموالاةِ على هذا الوجه، أو ادَّعتْ الأمةُ على مولاها أنَّها ولدتْ منهُ ولداً، أو ادَّعاهُ وقد ماتَ الولد، ولا يجري في هذه المسألةِ العكس؛ لأنَّ المولى إذا ادَّعى ذلكَ تصير أمَّ ولد بإقراره لا اعتبار لإنكارِ الأمَّة.

وإنِّما يُسْتَحْلَفُ عندهما؛ لأنَّ النُّكولَ إقرارٌ؛ لأنَّ الحلفَ واجبٌ عليه على تقديرِ صدقِهِ في إنكارِه، فإذا امتنعَ عُلِمَ أنَّه غيرُ صادقٍ في الإنكار، إذ لو كان صادقاً لأقدم على أداء الواجب، وهو الحلف، وإذا كان النُّكول إقراراً والإقرارُ يجري في هذه الأمور، فيحلفُ حتَّى إذا نَكَلَ مرَّة (١) يُقْضَى بالنّكول.

ولأبي حنيفةَ - رضي الله عنه -: إنَّ المرءَ كثيراً ما يحترز عن اليمينِ الصَّادقة، فيبذلُ (٢) شيئاً ولا يحلف، وإذا أمكن حملُه على البذل لا يثبتُ الإقرارُ بالشَّكِّ فيحملُ على البذل، والبذلُ لا يجري في هذه الأشياء، ويمكن أن يقال: لمَّا لم يجزِ البذلُ في هذه الأشياء، لا يجعلُ النكولُ بذلاً، فيحمل على الإقرار، وفي «فتاوى قاضي خان» (٣) - رضي الله عنه - أن الفتوى على قولهما في النكاح (٤).


(١) زيادة من ب و م.
(٢) معنى البذل: تركُ المنع، وتركُ المنعِ جائزٌ في المال؛ لأنَّ أمرَ المالِ هيِّن، بخلافِ هذه الأشياءِ السبعة، وإنّما وجبَ على القاضي أن يقضيَ بالنكولِ بحكمِ الشرعِ لِمَا أنَّ المدَّعي كان له الشيءُ المدَّعى ظاهراً، وأبطلَهُ المنكرُ بالنِّزاع، والشرعُ أبطلَ نزاعَهُ إلى اليمين، فإذا امتنعَ اليمينُ عادَ الأصلُ بحكمِ الشرع، وإنّما صحَّ إيجابُهُ بالذمَّةِ ابتداءً بناءً على زعمِ المدَّعي أنّه مُحِقٌّ، وأنَّ معنى البذلِ تركُ المنع، ولئن كان بذلاً حقيقةً، فالمالُ يجبُ فيه في الذمَّةِ ابتداءً كالكفالةِ والحوالة. ينظر: «التبيين» (٤: ٢٩٨).
(٣) فتاوى قاضي خان» (٢: ٤٢٩)، وعبارته: والفتوى على قولهما فيه لعموم البلوى.
(٤) وفي «تنوير الأبصار» (ص ١٦٣): والفتوى على أنه يحلف في الأشياء السبعة، وقال الحصكفي في «الدر المختار» (٤: ٤٢٥): والحاصل إن المفتى به التحليف في الكل إلا في الحدود.

<<  <  ج: ص:  >  >>