للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلاَّ إذا لزم ترك النَّظرَ للمدَّعي، فيحلفُ على السَّببِ كدعوى شفعةٍ بالجوار، ونفقةِ المبتوتة، والخصم لا يراهما

وعند أبي يوسف - رضي الله عنه -: يحلفُ على السَّببِ في جميع ذلك إلاَّ عند تعريضِ المدَّعى عليه بأن يقول: أيُّها القاضي لا تُحَلِّفْنِي على السَّبب، فإن الإنسانَ قد يبيع، ثُمَّ يقيل، أو يُطلِّقُ ثُمَّ يتزوجُ.

وقيل (١): ينظرُ إلى إنكارِ المدَّعى عليه، فإن أنكرَ السببَ يَحْلِفُ عليه، وإن أنكرَ الحكمَ يحلفُ على الحاصل كدعوى الشفعة، هذا ما قالوا.

ولقائل أن يقول (٢): ينبغي أن يحلفَ على السَّببِ دائماً، وإن عَرَضَ المدَّعى عليه، فلا اعتبار لذلك التَّعريض؛ لأنَّ غايةَ ما في الباب أنَّه وَقَعَ البيع، ثم وَقَعَ الإقالة، ففي دعوى الإقالةِ يصيرُ المدَّعى عليه مدَّعياً، فعليه البيِّنةُ على الإقالة، فإن عجزَ فعلى المدَّعي اليمين.

(إلاَّ إذا لزم ترك النَّظرَ للمدَّعي، فيحلفُ على السَّببِ كدعوى شفعةٍ بالجوار، ونفقةِ المبتوتة، والخصم لا يراهما): أي يحلفُ على الحاصلِ إلاَّ أن يلزمَ من الحلفِ على الحاصلِ تركُ النَّظرِ للمدعي، فحينئذٍ يحلفُ على السببِ كدعوى الشفعة بالجوار، فإنَّه يمكنُ أن يحلفَ على الحاصل أن لا يجب الشُّفعة بناءً على مذهبِ الشَّافِعِيِّ (٣) - رضي الله عنه -، فإنَّ الشَّفعةَ لا تثبت بالجوار عنده، فيحلفُ المشتري: بالله ما اشتريتُ هذه الدار، وكذا إذا ادعت المرأة (٤) النفقة بالطلاق البائنِ كالخلعِ مثلاً، فإنَّه لا يَجِبُ


(١) قائله شمسُ الأئمّة الحَلْوَانِيُّ - رضي الله عنه -، وفي «الذخيرة»: وهو حسن، وعليه عملُ أكثر القضاة. وقال فخر الإسلام - رضي الله عنه -: يفوَّضُ إلى رأي القاضي. ينظر: «التبيين» (٤: ٣٠٣)، و «البناية» (٧: ٤٣٠).
(٢) حاصلُه: إنَّ المناسبَ أن يعمَّ الحلف على السبب، ويجري في جميع الصور، ولا فائدةَ في استثناءِ صورةِ التعريض؛ لأنَّ في صورةِ التعريض إن وقعَ البيعُ ثمّ الإقالة، فالمدّعى عليه إذا ادَّعى الإقالةَ صار مُدَّعياً، فعليه أن يقيمَ البيِّنةَ على الإقالة، فإن أقامَها فبها، وإن عجزَ عنها فاليمين على المدَّعي؛ لأنّه صار حينئذٍ المدَّعى عليه، وهاهنا كلامٌ نفيس، وهو أنّه يحتملُ أن يقعَ الإقالةُ بلا شهود، والخصمُ يكون ممَّن يقدمُ على اليمينِ الكاذبةِ ففيه تَوَى حقُّ المسلم، وفي صورةِ الطلاقِ إن حلفَ على السببِ يتضرَّر به المدَّعى عليه؛ لأنّه قد يعجزُ عن إقامةِ البيِّنةِ على النكاح، ولا حلف فيه عنده، فتَوَى حقَّه. ينظر: «زبدة النهاية» (٣: ٢١١).
(٣) ينظر: «التنبيه» (ص ٨٠)، وغيره.
(٤) زيادة من أ و ص.

<<  <  ج: ص:  >  >>