للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو باعَ أحدَ توأمين وُلِدَا عنده، وأعتقَهُ مشتريه، ثُمَّ ادَّعى البائعُ الآخرَ ثَبَتَ نسبُهما منه، وبطلَ عتقُ المشتري، ولو قال لصبيٍّ معه: هو ابنُ زيد، ثُمَّ قال: هو ابني، لم يكنْ ابنُه، وإن جَحَدَ زيدٌ بنوّتَه

أقولُ: ضميرُ الفاعلِ في: كاتَب؛ إن كان راجعاً إلى المشتري، وكذا في قوله: أو كاتبَ الأُمَّ يصيرُ تقديرُ الكلام: ومَن باعَ عبداً وُلِدَ عنده، أو (١) كاتبَ المشتري الأُمّ، وهذا غيرُ صحيح؛ لأنَّ المعطوفَ عليه بيعُ الولدِ لا بيعُ الأُمّ، فكيف يصحُّ قولُه، أو كاتب المشتري الأُمّ، وإن كان راجعاً إلى مَن في قوله: ومَن باعَ عبداً؛ فالمسألةُ أن رجلاً كاتبَ مَن وُلِدَ عنده، أو رَهَنَه، أو أَجرَه، ثُمَّ كانت الدِّعوة، وحينئذٍ لا يحسن قولُهُ بخلافِ الإعتاق؛ لأنَّ مسألةَ الإعتاقَ التي مرَّت ما إذا أعتقَ المشتري الولد؛ لأنَّ الفرقَ الصَّحيح أن يكونَ بين إعتاق المشتري وكتابته، لا بين إعتاقِ المشتري وكتابة البائع.

إذا عرفتَ هذا فمرجعُ الضَّميرِ في كاتب الولدَ هو المشتري، وفي كاتبَ الأُمِّ من في قوله (٢): من باع (٣).

(ولو باعَ أحدَ توأمين وُلِدَا عنده، وأعتقَهُ مشتريه، ثُمَّ ادَّعى البائعُ الآخرَ ثَبَتَ نسبُهما منه، وبطلَ عتقُ المشتري)؛ لأنَّ من ضرورةِ ثبوتِ نسبِ أحدِهما ثُبُوتُ نسبِ الآخر، والتوأمانِ: ولدان بين ولادتِهما أقلُّ من ستَّةِ أشهر.

(ولو قال لصبيٍّ معه (٤): هو ابنُ زيد، ثُمَّ قال: هو ابني، لم يكنْ ابنُه، وإن جَحَدَ زيدٌ بنوّتَه): هذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعندهما: إن جَحَدَ زيدٌ بنوتَهُ يصيرُ ابناً


(١) في ب و ص و ف: و.
(٢) زيادة من ف.
(٣) لكن يمكن توجيه عبارة صاحب «الهداية»: وهو أنّه يحتملُ أن يكون قوله: أو كاتبُ الأمّ؛ إشارة إلى مسألة أخرى، صدَّرها بمحذوف لانفهامه من السياق، وهو أنّه باعَ أمَّ مَن وُلِدَ عنده، وكاتَبَ المشتري فلم يتّجه الإيرادُ باختيارِ الشق الأوّل. وكذلك أن يقال: إنَّ المرجعَ فيهما المشتري، وقوله: لأنَّ المعطوف عليه بيعُ الولدِ لا بيعُ الأمّ، مدفوعٌ بأنَّ المتبادرَ بيعه مع أمِّه بقرينةِ سوق الكلام، ودليلُ كراهةِ التفريق بحديثِ سيّد الأنام عليه وعلى آله التحيّة والسلام، نعم؛ كان مقتضى ظاهرُ عبارةِ «الوقاية» أن يقال: بالنظر إلى قوله: بعد بيع مشتريه، وكذا بعد كتابةِ الولدِ ورهنه … الخ، لكنّه سهو، ينظر: «رد المحتار» (٤: ٤٤٥).
(٤) لا يشترطُ لهذا الحكم أن يكونَ الصبيُّ في يده، واشتراطُه في «الكتاب» وقعَ اتّفاقاً. ينظر: «التبيين» (٤: ٣٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>