للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو كان مع مسلمٍ وكافر، فقال المسلمُ: هو عبدي، وقال الكافر: هو ابني، فهو حرٌّ ابن للكافر، ولو قال زوجُ امرأةٍ لصبيٍّ معهما: هو ابني من غيرِها، وقالت: هو ابني من غيرِه، فهو ابنهما. ولو وَلَدَتْ أَمَةٌ مشرية، وادَّعى المشتري الولد، واسْتُحِقَّتْ غُرِّمَ الأبُ قيمةَ الولدِ يومَ يخاصم، وهو حرٌّ

للذي في يدِهِ الصَّبيّ؛ لأنَّ الإقرارَ في النَّسبِ يرتَّدُ بالرَّد (١)، وله: إنَّ النسبَ ممَّا لا يحتملُ النقض، والإقرارُ بمثله لا يرتدُ بالرَّدِّ (٢).

(ولو كان مع مسلمٍ وكافر، فقال المسلمُ: هو عبدي، وقال الكافر: هو ابني، فهو حرٌّ ابن للكافر)؛ لأنَّه ينالُ الحرّيةَ في الحال، والإسلام في المآل، إذ دلائلُ الوحدانية ظاهرة (٣)، وفي عكسِهِ يثبتُ الإسلام بتبعيته، ويحرمُ عن الحرية، وليس في وسعه اكتسابها.

(ولو قال زوجُ امرأةٍ لصبيٍّ معهما: هو ابني من غيرِها، وقالت: هو ابني من غيرِه، فهو ابنهما (٤).

ولو وَلَدَتْ أَمَةٌ مشرية، (وادَّعى المشتري الولد) (٥)، واسْتُحِقَّتْ غُرِّمَ الأبُ قيمةَ الولدِ يومَ يخاصم، وهو حرٌّ): أي ولدتْ أمة مشرية، وادَّعى المشتري الولدَ، ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ الأُمّ، فالولدُ حُرّ، ويضمنُ الأب، وهو المشتري قيمةَ الولدِ للمستحقّ؛ لأنَّ


(١) أي أن الإقرار ارتدّ بردّ زيد فصار كأن لم يكن، والإقرار بالنسب يرتدّ بالردّ وإن لم يحتمل النقض. ينظر: «الدرر» (٣: ٣٥٣).
(٢) أي إن النسب ممَّا لا يحتملُ النقض بعد ثبوته، وهذا بالإتّفاق، والإقرارُ بما لا يحتملُ النقضَ لا يرتدُّ بالردّ، فيبقى في حقِّ نفسه؛ لأن إقرارَه حجّةٌ في حقِّ نفسه، كمن أقرّ بحرّية عبد الغير فكذّبه المولى، فإنه يبقى في حقِّ المقرّ، فلا يرتدُّ بإقرارِه حتى لو ملكه يوماً عتق عليه لإقراره بذلك. ينظر: «التبيين» (٤: ٣٣٤).
(٣) ورد عليه مخالفته لقوله تعالى: {وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} [البقرة: ٢٢١]، ودلائلُ التوحيد وإن كانت ظاهرةً لكن الألفةَ مع الكفار مانع قويّ، ألا ترى أنّ آباءه كفروا مع ظهور أدلّة التوحيد. وأجيب بأنَّ قوله تعالى: {ادْعُوهُم لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥]، يوجبُ دعوةَ الأولادِ لآبائهم، ومدّعي النسب أب؛ لأنَّ دعوتَه لا تحتملُ النقض، فتعارضَت الآيتان، وكفرُ الآباءِ جحود، والأصلُ عدمه، ألا ترى إلى انتشارِ الإسلامِ بعد الكفر في الآفاق. ينظر: «العناية» (٧: ٢٨٩)، و «المنح» (ق ٢: ١٧٥/ب).
(٤) وفي المسألة تفصيل لطيف ذكره ابن عابدين في «حاشيته على الدر المختار» (٤: ٤٤٦ - ٤٤٧).
(٥) زيادة من أ و ب و م.

<<  <  ج: ص:  >  >>