للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي من درهمٍ إلى عشرة، وما بين درهمٍ إلى عشرة، عليه تسعة، وفي له من داري ما بينَ هذا الحائطِ إلى هذا الحائط له ما بينهما، ولو أقرَّ بالحملِ صحَّ، وحُمِلَ على الوصيّةِ من غيره، وكذا له إن بيَّن المُقِرُّ سبباً صالحاً كالإرثِ والوصيّة

(وفي من درهمٍ إلى عشرة، وما بين درهمٍ إلى عشرة، عليه تسعة)، هذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -؛ لأنَّ الغايةَ الأُولَى تدخلُ ضرورةً، والأخيرةُ لا تدخلُ (١)، وعندهما تدخلُ الغايتان، فتجبُ عشرة، وعند زُفَر - رضي الله عنه - لا يدخل شيءٌ منهما، فيجب ثمانية.

(وفي له من داري ما بينَ هذا الحائطِ إلى هذا الحائط له ما بينهما)، والفرقُ لأبي حنيفةَ - رضي الله عنه - أن في قوله: ما بينَ الواحدِ إلى العشرةِ؛ لا وجودَ لِمَا بينَهما إلاَّ بانضمام الأَوَّل، كما يقال سنِّي ما بين خمسينَ إلى ستّين: أي مع انضمام الآحاد التي دون الخمسين بخلاف ما بين الحائطين.

(ولو أقرَّ بالحملِ صحَّ، وحُمِلَ على الوصيّةِ من غيره) (٢): أي يُحْمَلُ هذا الإقرار أن رجلاً أوصى بالحملِ لرجل وماتَ الموصي، فالآن يقرُّ وارثُهُ بأنه للموصَى له.

(وكذا له إن بيَّن المُقِرُّ سبباً صالحاً كالإرثِ والوصيّة): أي ويصحُّ الإقرارُ للحملِ إن بيَّنَ المقرُّ سبباً صالحاً كالإرثِ والوصيّة، فإنّ الوصيّةَ للحمل تصحُّ، والحملُ يَرِث، وإن لم يبيِّنَ سبباً صالحاً: كما لو بيَّنَ الهبة، أو قال: اشتريتُ له لا يصحّ (٣)، وإنِّما لا يحتاجُ إلى ذِكْرِ السَّببِ الصَّالح في الإقرارِ بالحمل؛ لأنَّ الوصيةَ متعيِّنةٌ هناك بخلافِ الإقرارِ للحمل، فإنّ الأسبابَ متعارضةٌ كالإرثِ والوصية.


(١) حاصله: إنّ الغايةَ لا تدخل في المغيا؛ لأنَّ الحدَّ يغايرُ المحدود، فهذا هو الأصل، ولكن هاهنا لا بُدَّ من إدخال الغايةِ الأولى ضرورة؛ لأنَّ الدرهمَ الثاني والثالث لا يتحقَّق بدون الأوّل، فدخلت الغايةُ الأولى ضرورةً، ولا ضرورةَ في إدخال الغاية الثانية، فأخذنا فيها بالقياس، فلا يدخل؛ لأنَّ العددَ يقتضي ابتداء، فإذا أخرجنا الأوَّل من أن يكون ابتداءً صار الثاني هو الأول، فيخرجُ هو أيضاً من أن يكون ابتداءً كالأوَّل، وكذا الثالثُ والرابع، فيؤدِّي إلى خروجِ الكلِّ من أن يكون واجباً فكان باطلاً. ينظر: «التبيين» (٥: ١١).
(٢) يعني لو أقرَّ الرجلُ بالحملِ بأن قال: حمل جاريتي هذه لفلان، أو حمل شاتي هذه لفلان، فإنّه يصحّ؛ لأنَّ في تصحيحِهِ وجهاً وهو الوصيّة من جهةِ غيره، بأن يكون أوصى به رجل ومات، وأقرّوا بأن هذا الحمل لفلان فيحمل عليه، وإن لم يبيّن السبب. وتمامه في في «كمال الدراية» (ق ٥٨٩)، و «الرمز» (٢: ١٥٧)، و «فتح باب العناية» (٣: ١٥٦).
(٣) لأنه بين مستحيلاً. ينظر: «الهداية» (٣: ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>