للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وللمضاربِ في مطلقِها أن يبيعَ بنقدٍ ونسيئةٍ إلا بأجلٍ لم يُعْهَدْ، وأن يشتري ويوكِّلَ بهما، ويسافرَ، ويبضعُ ولو ربَّ المالِ ولا تفسدُ هي به، ويودع، ويَرْهَن، ويَرْتَهِن، ويُؤَجِّر، ويَستأجِّر، ويحتالُ بالثَّمن على الأيسرِ والأعسر، وليس له أن يضاربَ إلاَّ بأذنِ المالك، أو باعمل برأيِّك، ولا أن يقرض، أو يستدين، وإن قيل له ذلك، ما لم ينصَّ عليهما، فلو شَرَى بالمالِ بَزَّاً وقَصَر، أو حملَ بمالِه، وقيل له ذلك

(وللمضاربِ في مطلقِها أن يبيعَ بنقدٍ ونسيئةٍ إلا بأجلٍ لم يُعْهَدْ)، المرادُ بالمطلق ما لم يُقَيَّدْ بزمان، أو مكان، أو نوع من التِّجارة، (وأن يشتري (١) ويوكِّلَ بهما): أي بالبيعِ والشِّراء، (ويسافرَ) (٢)، وعند أبي يوسفَ - رضي الله عنه -: ليس له أن يُسافرَ، وعن (٣) أبي حنيفة - رضي الله عنه -: أن دفع في بلده ليس له أن يسافر، وإن دفعَ في غيرِ بلدِهِ له أن يسافرَ إلى بلدِه.

(ويبضعُ (٤) ولو ربَّ المالِ ولا تفسدُ هي به): أي لا تفسدُ المضاربةُ بأن يُبْضِعَ رَبُّ المالِ خلافاً لزُفَرَ - رضي الله عنه -، (ويودع، ويَرْهَن، ويَرْتَهِن، ويُؤَجِّر، ويَستأجِّر، ويحتالُ بالثَّمن على الأيسرِ والأعسر): أي يقبلُ الحوالة.

(وليس له أن يضاربَ إلاَّ بأذنِ المالك، أو باعمل برأيِّك)، الضَّابطُ أنَّ الشَّيءَ لا يَتَضَمَّنُ مثلَه بل يَتَضَمَّنُ دونَه كالإيداع، ونحوه، (ولا أن يقرض، أو يستدين، وإن قيل له ذلك): أي اعمل برأيِّك، (ما لم ينصَّ عليهما): أي على الاستدانة والإقراض، وإنِّما يصحُّ المضاربةُ باعمل برأيْك دون الإقراض؛ لأنَّ المضاربةَ من صنيعِ التُّجّار، وهي مجلبةٌ للرَّبح بخلافِ الإقراضِ إذ لا فائدةَ فيه.

(فلو شَرَى بالمالِ بَزَّاً (٥) وقَصَر (٦)، أو حملَ بمالِه، وقيل له ذلك): أي اعمل


(١) يعني وجازَ للمضاربِ في المضاربةِ المطلقةِ أن يشتريَ ما هو المتعارفُ عند التجّار. ينظر: «جامع الرموز» (٢: ١٤١).
(٢) يعني جازَ للمضاربِ في المضاربةِ المطلقةِ أن يسافرَ بمال المضاربة، وهو ظاهرُ الرواية. ينظر: «الهداية» (٣: ٢٠٣).
(٣) في أ: عند، وفي ص: وعنه عن.
(٤) المراد بالإبضاع هنا مجرّد الاستعانة لا ما هو المتعارف من أن يكون المال للمبضع والعمل من الآخر، ولمَّا صحّ استعانة المضارب بالأجنبي فلأن يصحّ استعانته برب، وهو أشفق عليه كان أولى. ينظر: «فتح باب العناية» (٢: ٥٤٠).
(٥) بَزاً: قيل: نوع من الثياب، وقيل: الثيابُ خاصَّةً من أمتعةِ البيت، وقيل: أمتعةُ التاجرِ من الثياب. ينظر: «المصباح» (١: ٧٧).
(٦) قصر: مخفَّفاً ومشدَّداً، وقصرت الثوبَ قصراً: بيَّضته: أي غسله بأجر من ماله. ينظر: «المصباح» (٢: ٧٧٧). «مجمع الأنهر» (٢: ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>