للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كولدٍ ولدَ له من أمته، وكسبُهُ له، فإن كاتَبَ قِنَّيْنِ له زوجين، فولدَتْ دخلَ الولدُ في كتابتها، وكسبُهُ لها، فإن ولدت حرَّةٌ بزعمِها من مكاتَبٍ أو عبدٍ نكحَها بإذنٍ فاستحقَّتْ، فولدُها عبد، فإن وَطِئَ أمةً بملكه فاسْتُحِقَّت، أو بشراءٍ فاسد فردَّت أُخِذَ عُقْرُها في الحال، كالمأذون بالتَّجارة

قال - صلى الله عليه وسلم -: «أعتقها ولدُها» (١)، ولا يثبتُ أصالةً، والقياسُ ينفيهِ، (كولدٍ ولدَ له من أمته)، يتعلَّقُ بقوله: ويكاتبُ عليه بالشِّراء: أي إن ولدَ ولدٌ من أمته فادَّعاهُ دخلَ في كتابتِه، (وكسبُهُ له): أي كَسْبُ ولدِ المكاتَبِ يكونُ للمكاتَب؛ لأنَّ الولدَ كسبُه، وكسب الولد كسبُ كسبه.

(فإن كاتَبَ قِنَّيْنِ له زوجين، فولدَتْ دخلَ الولدُ في كتابتها، وكسبُهُ لها): أي زوَّجَ أمتَهُ من عبدِه فكاتبَهما، فولدتْ ولداً دَخَلَ الولدُ في كتابةِ الأمّ، وكسبُهُ للأمِّ؛ لأنَّ الولدَ يتبعُ الأمَّ في الرِّقِ والعتق وفروعَه (٢).

(فإن ولدت حرَّةٌ بزعمِها من مكاتَبٍ أو عبدٍ نكحَها بإذنٍ فاستحقَّتْ، فولدُها عبدٌ): أي تزوَّجَ المكاتَبُ بأذنِ مولاه امرأةً، فقالت: أنا حرَّةٌ فولدَتْ منه فاستحقَّت فولدُها عبدٌ عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - وأبي يوسف - رضي الله عنه -، وعند محمَّد - رضي الله عنه - حرٌّ بالقيمة؛ لأنَّه ولدُ المغرور، لهما: أنّ القياسَ أن يكونَ عبداً لكونِه مولوداً بين رقيقين، وفي الحرِّ خالفنا القياسَ بإجماعِ الصَّحابة، وهذا ليس في معناه؛ لأنَّ حقَّ المولى مجبورٌ بالقيمةِ يؤدِّيها الحرُّ في الحال، وهاهنا لا قدرةَ للعبدِ على أدائها في الحال، بل تؤخَّرُ إلى العتق (٣).

(فإن وَطِئَ أمةً بملكه فاسْتُحِقَّت، أو بشراءٍ فاسد فردَّت أُخِذَ عُقْرُها في الحال (٤)، كالمأذون بالتَّجارة): أي وطئ المكاتب، أو المأذون أمةً بغيرِ إذن المولى بناءً على أنَّها


(١) من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في «سنن ابن ماجه» (٨٤١)، و «المستدرك» (٢: ٢٣)، و «سنن البيهقي الكبير» (١٠: ٣٤٦)، و «سنن الدارقطني» (٤: ١٣١)، و «مصنف عبد الرزاق» (٧: ٢٣٣)، و «الآحاد والمثاني» (٥: ٤٥٠)، و «مسند ابن الجعد» (١: ٢٦٥)، وغيرها، قال ابن القطان: له إسناد جيد. ورواه ابن حزم بإسناد صحيح وصححه، وله شواهد كثيرة. ينظر: «الدراية» (٢: ٨٧)، و «الخلاصة» (٢: ٤٦٤)، وغيرهما.
(٢) يعني الكتابة والتدبير والاستيلاد، فإنّ هذه الأوصافَ القارّة الشرعيّة في الأمّهات تسري إلى الأولاد، وإذا سرت كتابتها إلى ولدها لم يجزْ بيعُه كما لم يجزْ بيع أمّه. ينظر: «العناية» (٩: ١٨٢).
(٣) وإذا غرم القيمة يرجع عليها عنده؛ لأنّ الغرورَ حصل منها. ينظر: «العناية» (٨: ١٢٠).
(٤) أي في حالة الكتابة قبل عتقه لدخوله في كتابته؛ لأنّ الإذنَ بالشراء إذنٌ بالوطء. ينظر: (الدر المختار)) (٥: ٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>