للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو نكحَ فوطئ أُخِذَ حين عتق، وصحَّ تدبيرُ مكاتَبه، وعَجْزُ نفسِه وكان مُدَبَّراً، أو مضى عليها وسعى في ثُلُثَي قيمتِه، أو ثُلُثي البدل إن ماتَ سيدُهُ فقيراً

ملكَه بأن اشتراها، أو وُهِبت له، ثُمَّ اسْتُحِقَّتْ الأمة، أو اشترى أمةً شراءً فاسداً فوطئها، ثُمَّ رُدَّتْ يجبُ العقرُ في الحال.

(ولو نكحَ فوطئ أُخِذَ حين عتق): أي نكحَ (المكاتب أو المأذون أمةً) (١) بغيرِ إذن المولى فوطئ، ثمَّ استحقَّت (٢) يجبُ العقرُ بعد العتق، والفرقُ أنَّه لولا الشِّراء لما سقطَ الحدّ، وما لم يسقطِ الحدُّ لا يجبُ العقر، فيكونُ من توابعِ التِّجارة، فيكون ثابتاً في حقِّ المولى، وهنا النِّكاح ليس من بابِ الكسب، فلا ينتظمُهُ الكتابة، ولقائلٍ أن يقول: إن العقرَ يثبتُ بالوطء لا بالشِّراء، والإذنُ بالشِّراءِ ليس إذناً بالوطء، والوطءُ ليس من التِّجارة في شيء، فلا يكونُ ثابتاً في حقِّ المولى (٣).

(وصحَّ تدبيرُ مكاتَبه، وعَجْزُ نفسِه وكان مُدَبَّراً، أو مضى عليها وسعى في ثُلُثَي قيمتِه، أو ثُلُثي البدل إن ماتَ سيدُهُ فقيراً): أي له الخيارُ: إمَّا أن عجَّزَ نفسَه وكان مُدبَّراً، أو مضى على الكتابة.

فإن مَضَى عليها فمات المولى ولا مالَ له سواه، فهو بالخَيار: إمَّا أن يَسْعَى في ثُلُثي قيمتِه، أو ثُلُثي بدل الكتابة، وعندهما: يسعى في الأقلِّ منهما، فإنّ الإعتاقَ لَمَّا كان متجزّئاً عند أبي حنيفةَ - رضي الله عنه - بقي الثُلُثان عبداً، فإن أدَّى للتَّدبير ثُلُثي القيمة في الحالِ عتقَ الكلُّ في الحال، وإن أدَّى للكتابةِ ثُلُثي البدلِ مؤجَّلاً عتقَ مؤجَّلاً، فيفيدُ التَّخيير، وقد تلقى جهتا الحريّةِ ببدلين معجَّلٍ بالتَّدبير، ومؤجَّلٍ بالكتابة، فيتخيَّرُ بينهما، وعندهما: لَمَّا لم يكنْ متجزئاً صارَ بموتِ المولى معتقُ الكلّ، وقد سقطَ عنه ثُلُث المال، وبقي الثُلُثان، وكلُّ ما هو أقلُّ من ثُلُثي البدل، أو ثُلُثي القيمة يسعى فيه، ولا فائدةَ في التَّخيير بين الأقلِّ والأكثر.


(١) زيادة من م.
(٢) زيادة من أ و م، وفي أ: استحق.
(٣) أجاب عنه في «الدرر» (٢: ٢٨)، و «رد المحتار» (٥: ٦٥): إنا سلَّمنا أنّ العقرَ ثبت بالوطء لا بالشراءِ ابتداءً، لكن الوطء مستندٌ إلى الشراء؛ إذ لولاه لكان الوطء حراماً بلا شبهة، فلا يثبت به العقر ويجب الحدّ، والوطءُ نفسُه إن لم يكن من التجارة لكن الشراء منها فيكون ثابتاً في حقّ المولى.

<<  <  ج: ص:  >  >>