للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستيلادُ مكاتبتِه، ومَضَتْ عليها، أو عَجِزَتْ وكانت أمَّ ولدٍ له، وكتابةُ أمِّ ولدِه فعتقتْ بموتِهِ مجَّاناً ومدبَّرِه، ويسعى في ثلثي قيمتِه أو كلِّ البدلِ في موتِ سيِّده معسراً، وصلحُهُ مع مكاتبِهِ على نصفٍ حالٍّ من بدلٍ مؤجل، فإن ماتَ مريضٌ كاتبَ عبدَهُ على ضِعْفِ قيمتِهِ بأجل، وردَّ ورثتُهُ أدَّى ثلثي

(واستيلادُ مكاتبتِه، ومَضَتْ عليها، أو عَجِزَتْ وكانت أمَّ ولدٍ له): أي ولدتِ المكاتبةُ فادَّعى المولى الولدَ تصيرُ أمَّ ولدٍ له، فتخيَّرُ بين أن تمضي على الكتابةِ وتؤدِّي البدل، فتعتقُ قبل موتِ المولى وبين أن تُعْجِّزَ نفسَها، فتعتقُ بعد موتِ المولى، فإن مَضَتْ على الكتابةِ فلها أن تأخذ العقرَ من سيِّدها.

(وكتابةُ أمِّ ولدِه فعتقتْ بموتِهِ مجَّاناً ومدبَّرِه): أي صحَّتْ كتابةُ مدبَّرِه، (ويسعى في ثلثي قيمتِه أو كلِّ البدلِ في موتِ سيِّده معسراً)، هذا عند أبي حنيفة - رضي الله عنه -، وعند أبي يوسف - رضي الله عنه - يسعى في الأقلِّ منهما، وعند محمَّدٍ - رضي الله عنه - يسعى في الأقلِّ من ثلثي القيمة أو ثلثي البدل، أمَّا الخيارُ وعدمُهُ ففرعُ التَّجزؤ وعدمه كما مرّ، وأمَّا المقدارُ فمحمَّدٌ - رضي الله عنه - يقول: البدلُ لما كانَ مقابلاً بالكلٍّ فبالموتِ يسلَّمُ له ثلثُ البدل، ومن المحالِ أن يجبَ البدلُ في مقابلة الثّلث وهما يقولان: البدلُ وقعَ في مقابلةِ الثُّلثين، لأنَّ الظَّاهرَ أنَّ الإنسانَ لا يلتزمُ المالَ في مقابلةِ ما يستحقُّ حرِّيته (١).

(وصلحُهُ مع مكاتبِهِ على نصفٍ حالٍّ من بدلٍ مؤجل): أي صحَّ صلحُه، والقياسُ أن لا يصحَّ؛ لأنَّهُ اعتياضٌ عن الأجلِ بالمال، ووجه الاستحسان: أن الأجلَّ في حقِّ المكاتَبِ مالٌ من وجهٍ لا يقدرُ على الأداءِ إلاَّ به، وبدلُ الكتابةِ ليس بمالٍ من وجهٍ حتَّى لا تصحّ الكفالةُ به (٢) فاعتدلا (٣).

(فإن ماتَ مريضٌ كاتبَ عبدَهُ على ضِعْفِ قيمتِهِ بأجل، وردَّ ورثتُهُ أدَّى ثلثي


(١) وبيانه: أنه المقدار عند محمّد - رضي الله عنه - فقابل البدل بالكل وقد سلم لها الثلث فمن المحال أن يجب البدل بمقابلته، ولهما: إن جميع البدل مقابل بثلثي رقبتها فلا يسقط منه شيء، وهذا لأن البدل وإن قوبل بالكل صورة وصيغة لكنه مقيّد بما ذكرنا معنىً وإرادةً؛ لأنها استحقّت حرّية الثلث ظاهراً، والظاهر أن الإنسان لا يلتزم المال بمقابلة ما يستحق حريته. ينظر: «الهداية» (٣: ٢٦١).
(٢) أي ببدلِ الكتابة، فلو كان مالاً من كلِّ وجهٍ لصحّت الكفالةُ به. ينظر: «البناية» (٨: ٧٦).
(٣) فكان اعتياضاً عمّا هو مالٌ من وجهٍ بما هو مالٌ من وجه، واختلف الجنس، فلم يكن ثمّة ربا. ينظر: «العناية» (٨: ١٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>