غربة الإسلام
عَلى الدِّين فَلْيبْكِي ذَوُو العِلْم والهُدى ... فَقدْ طَمَسَتْ أَعلامهُ في العَوالِمِ
وَقَد صَارَ إقبالُ الوَرَى وَاحْتيالِهم ... عَلى هذه الدُّنيا وجمعِ الدَّراهمِ
وَإصلاحِ دُنياهُم بإفسادِ دِينِهم ... وَتحصيلِ مَلذُوذَاتِها والمطَاعمِ
يُعادون فيهَا بل يُوالُون أَهلهَا ... سَواءً لَديهم ذُو التُّقى والجَرائمِ
إِذَا انْتَقَصَ الإنسانُ منها بما عَسَى ... يكونُ لهُ ذُخرًا أتى بِالعَظائمِ
وَأبْدى أَعاجِيْبًا من الحُزنِ والأسَى ... عَلى قلَّةِ الأنصارِ من كلِّ حَازمِ
وَناحَ عَليها آسفًا مُتظلمًا ... وَباحَ بما في صَدرهِ غَير كاتمِ
فأما على الدِّينِ الحنيفِي والهُدى ... وملَّةِ إبراهيمَ ذاتِ الدِّعائمِ
فليس عليها والذِي فَلقَ النَّوى ... من النَّاسِ من بَاكٍ وآسٍ ونادمِ
وَقد دُرسَتْ منها المعالمِ بل عَفَتْ ... ولم يَبقَ إلا الاسمُ بين العَوالمِ
فلا آمرٌ بالعُرفِ يُعرفُ بيننَا ... ولا زَاجرٌ عن مُعضلاتِ الجرائمِ
وَملةُ إبراهيمَ غُودرِ نَهجُها ... عَفاءً فأضْحتْ طامِساتِ المعَالمِ
وَقد عَدمتِ فِينا وكيف وقدْ سَفتْ ... عليها السَّوافِي في جميعِ الأقالمِ
وَما الدِّينُ إلا الحبُّ والبُغضُ والوَلا ... كذاك البَرء من كلِّ غاوٍ وآثمِ
وليس لها من سالِكِ مُتمسِّكِ ... بِدين النَّبي الأبْطُحيِّ ابنِ هَاشمِ
فَلسنا نَرى ما حلَّ بالدينِ وانْمحتْ ... به المِلَّةُ السَّمحاءُ إِحدَى القَواصمِ
فَنأسَي على التَّقصيرِ منَّا ونَلْتجِي ... إلى اللهِ في مَحْوِ الذنوبِ العَظائمِ
فَنشكُوا إلى اللهِ القُلُوبَ التي قَستْ ... وَرانَ عليها كَسْبُ تلك المَآثمِ
أَلسنَا إذا ما جَاءنَا مُتضمِّخٌ ...