أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين، إنه هو الغفور الرحيم. فاستغفروه.
[١٦٣- (خطبة)]
الحمد لله مثيب الطائعين على صالح العمل أجزل الثواب، ومجيب الداعين فهو أكرم من أجاب، يغفر الزلات، ويقيل العثرات، ويجتبي إليه من يشاء، ويهدي إليه من أناب، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، فإلى متى يؤخر المتاب؟!.
أحمده على نعمه التي فاضت على ذرات التراب، وقطرات السحاب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة لا يحجبها عن الإخلاص حجاب، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، أرسله بأسمح دين وأفصح كتاب، فرض الفرائض وسنن السنن، وبين الآداب. اللهم فصل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه خير آل وأكرم أصحاب.
أما بعد أيها الناس جد بكم الرحيل وأنتم للإقامة عاملون وندبكم ربكم إلى الآخرة وأنتم عنها غافلون، وحذركم عن التهافت في الدنيا وأنتم مع الآمال مائلون، وطلبكم لوليمة دار السلام وأنتم عن الإجابة متشاغلون. يا لها دارًا تشوقت إلى طالبيها، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين لمن جد فيها، فيها من الخير المدخر ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، حصباؤها اللؤلؤ والجوهر وترابها الزعفران والعنبر، سقفها عرش الرحمن، فظلها ممدود، وماؤها جار في غير أخدود، سررها عالية الرتب، وبناؤها لبنة من فضة، ولبنة من ذهب، فيها أنهار ذكر الله لها في كتابه العزيز