الحمد لله رب العالمين، الحمد لله ناصر الأمناء المتقين، ومؤيد الأوفياء المخلصين، أحمده سبحانه لا أحصي ثناء عليه، وأستغفره وأتوب إليه، وأسأله تعالى أن يجعلنا ممن إذا سمعوا القول عقلوه واتبعوا أحسنه، وبلغوه كما سمعوه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له. قال في كتابه الكريم مخاطبًا ولاة الأمور خصوصًا، وسائر الأمة عمومًا:{إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ}[النساء: ٥٨] . وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه الذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد - فيا عباد الله- لقد أرسل الله محمدًا بن عبد الله، صلوات الله وسلامه عليه، هاديًا ومبينًا للناس ما نزل إليهم، أرسله إكرامًا لهذه الأمة، ورحمة للعالمين، أرسله ليعلم الناس شرع الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وإن مما جاء به شرع الله، ونادت بمراعاته والاهتمام به رسل الله تحرى الأفضل والأمثل والأرضى لله في أمر الولاية أيا كان من إمامة عظمى، أو وزارة، أو رئاسة، أو إمارة، أو قضاء، أو إدارة أعمال، أو نظارة وقف، أو إمامة صلاة ونحو ذلكم، ومن تتبع وقائع التاريخ قديمًا وحديثًا، وما جاء به الإسلام في أمر الولاية، علم علم اليقين أن راحة الأمة وسعادتها واستقرارها، بل وضمان بقاء مُثُلها العالية، ومبادئها السامية، متوقف على أن يلي أمرها