ومن ورائه المغير ومسأله منكر ونكير ويتوسد التراب إلى يوم النشور {يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}[المطففين٦] يوم لا يبلغ وصف أهواله ولا شرح أحواله ما لا يسع المؤمن به أن يستقر له قرار ولا يخلد إلى هذه الدار ولا يكون له هم في هذه الدنيا إلا التقرب بأنواع القرب واجتناب الفواحش والريب وإقامة الدين الذي في إقامته النجاة وفي تضييعه العطب العظيم.
عباد الله إنما يسعد المسلمون أن يتبعوا الحق ويدعوا إليه ولا تأخذهم في الله لومة لائم ويقبلوا النصيحة ممن ينصحهم ويعملوا بها راضية نفوسهم شاكرة ألسنتهم غير مستكبرين ولا متعنتين ولم يعمهم الهوى عن اتباع الحق إذ ذاك تكمل لهم السعادة ويتم لهم النعيم وقد فشا في الناس داء الكبر واستحكم ولا أقصد بذلك من الكبر الخيلاء والتبختر فقط وإنما أقصد كبر المتكبر عن قبول نصح الناصح وإرشاد المسترشد فإن الأول وإن كان شرًا ولكن الثاني شر منه فإن المرء إذا لم يقبل نصيحة الناصح كان راضيًا عن نفسه ومتى رضي عن نفسه عميت عن عيوبها فلا يؤثر فيها نصح ولا ينفع